القديس ألبرتس الكبير الأسقف ومعلم الكنيسة – ladlamp
[ad_1]
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية اليوم بالقديس ألبرتس الكبير الأسقف ومعلم الكنيسة.
وُلِدَ “ألبرتوس” في أواخر القرن العاشر الميلادي – حوالي عام 1193م – بمدينة لوئنن (التابعة حاليًا لإقليم باڤاريا) – جنوب ألمانيا.
غير معروف الكثير عن عائلته، لكن الاحتمال الأقوى أنها من العائلات النبيلة لكونه قد تلقّىَ تعليمًا راقيًا لم يكن مُتاحًا إلا للطبقة العليا من المجتمع الألماني، كما تمكّن من الدراسة في جامعة پادوڤا بإيطاليا، وهناك درس كتابات “أرسطو” الفلسفية، وصار مُغرمًا بفلسفته إلى حدٍّ كبير، ولازمه عشق الفلسفة والعلوم المختلفة حتى آخر حياته.
عام 1233م، وبعد رؤيا روحية شهد فيها العذراء مريم، وأرشدته خلالها بتكريس حياته لدى الرهبنة الدومنيكانية، فتقدم للالتحاق بها، وبدأ حينها دراسة اللاهوت.
تفوق في دراسة اللاهوت كما كان حاله في الفلسفة، وصار مُحاضرًا للدومنيكان في كولونيا، كما تنقل بين المدن الإيطالية وألقى محاضرات وعظات أكسبته خبرة كبيرة ومُريدين كثيرين، كذلك تنقل في بعض مدن أوروبا وأصبح واعظًا شهيرًا بالقارة عمومًا.
عام 1245م، صار ألبرتس أستاذًا لعلم اللاهوت، وكان أول ألماني دومنيكاني يحصل على هذه اللقب. بعدها انتقل إلى پاريس لتدريس اللاهوت بجامعتها، وهناك كان أحد أشهر تلامذته “القديس توما الأكويني”.
تقريبًا كان ألبرتس، أكثر مؤلفات وأطروحات وتعليقات حول كل مفاهيم أرسطو الفلسفية، كما تواصل مع أعمال الكتاب العرب وتحديدًا الفلسفة الرشدية (نسبة إلى ابن رُشد).
عام 1254م، تم اختيار ألبرتس، ليكون رئيسًا إقليميًا لرهبنة الدومنيكان، وهو ما اعتبره أمانةً ومسئولية كبيرة أداها على أكمل وجه برغم انشغالاته وصعوبة التوفيق بين الأمور الإدارية والحياة الأكاديمية والبحثية.
وكان مُدافعًا جيدًا عن الآباء الدومنيكان الأكاديميين في وجه الانتقادات التي كانوا يتعرضون لها من قبل الأساتذة العلمانيين أو الأساتذة من الكهنة الإيبارشيين الغير مُنتمين لرهبنة بجامعة پاريس.
في تلك الفترة ورغم الانشغالات الكثيرة، استطاع تأليف كتابه وأطروحاته عن القديس يوحنا البشير، كذلك كتاب أطروحات نقيدة لفلسفات ابن رشد.
بعد خمس سنوات – أي في عام 1259م – شارك ألبرتس في المجمع العام للرهبنة الدومنيكانية، ومعه تلميذه توما الأكويني، بحضور العديد من أعلام الرهبنة في تلك الفترة.
وكانت توصيات المجمع هي تطوير مناهج الفلسفة لطلبة الرهبنة، وهي نواة لإنشاء جامعة أسقفية تحمل اسم القديس توما الأكويني، في روما.
في سنواته الأخيرة، أشتهر ألبرت كصانع سلام، حيث كان وسيط سلام بين أطراف النزاعات سواء كانوا أفرادًا أم جماعات، ومن أشهر إنجازاته في هذا الشأن، حل النزاع بين شعب إيبارشية كولونيا وبين أسقفها. كما أسس أقدم جامعة في ألمانيا في تلك المدينة.
عام 1260م، اختاره البابا “ألكسندر الرابع” ليصبح أسقفًا على ريجنسبورج، التابعة لإقليم باڤاريا، وهو المنصب الذي استقال منه أيضًا بعد ثلاث سنوات، عندما رأى أنه لن يتمكن من العطاء فيه أكثر من ذلك.
خلال حياته كلها وأثناء فترة أسقفيته اشتهر الأسقف ألبرتس بذهده الشديد وتواضعه الأشد وهو ابن النبلاء، فكان يرفض ركوب الخيل أثناء تجواله في إيبارشيته الضخمة، ويستبدل ذلك بالسير على قدميه، لذلك اشتهر بين أبناء إيبارشيته بلقب “الأسقف المستهلك للأحذية” أي أنه يستهلك أحذية كثيرة، دلالة على كثرة سيره.
كان ألبرتس متنوعًا ومتفوقًا في دراسة العلوم المختلفة سواء كانت علوما مادية أو دينية، فقد كان فيلسوفًا وفلكيًا وكاتبًا روحيًا ولاهوتيا، وقد صاغ بالتعاون مع “هامبرت الروماني” وتلميذه “توما الأكويني”، تحديث المناهج الدراسية بالجامعات الدومنيكانية، وأدخل عليها منهجًا أكثر توسعًا لدراسة فلسفات أرسطو والأفلاطونيين الجُدُد.
رحل تلميذه العظيم توما الأكويني في عام 1274م، وقد تأثّر قلب ألبرتس لهذا الرحيل المُبكّر نسبيًا، وقضىَ سنوات عمره الأخيرة، يدافع عن جهود وأعمال تلميذه الراحل، ويعدّها من أهم أعمال التطوير العلمي للكنيسة.
تم تجميع كل مؤلفات القديس ألبرتس الكبير عام 1899م، لتقع في حوالي 38 مجلَّدا، تتناول مجالات مختلفة تُظهر مدىَ معرفته الموسوعية، حيث توجد مؤلفات لعلم الفلسفة والمنطق، وأخرى للاهوت وثالثة لعلم النبات، وغيرها في علم الجفرافيا وعلم الفلك، وعلم كيمياء العناصر والمعادن، وعلم وظائف الأعضاء.
كذلك توجد كتابات روحية، وأخلاقية في مناقشة القوانين، وقد كان فهمه الرائع لفلسفة أرسطو هو ما ساعده على كتابة مؤلفات تحمل طابعه وكذلك تضيف عليه الجديد، وتستطيع تبسيطه لغير المتخصصين. كما اهتم بتأليف كتب في نقد الفلسفة الرشدية واختلافها مع أرسطو، كذلك كانت له تعليقات على الفلسفات العربية من مُنطَلَق إيمانه المسيحي.
عن نشاطه الكيميائي، يذكر الأب القديس في تدويناته وملاحظاته البحثية، أنه شهد تخليق الذهب عن طريق التحويل المعملي.
عن اهتماماته الموسيقية، يشتهر ألبرتس بتعليقه على الأداء الموسيقي في عصره. تم العثور على معظم نوتاته الموسيقية المكتوبة في تعليقه على شاعرية أرسطو. كتب على نطاق واسع حول النِسَب في الموسيقى، وعلى المستويات الثلاث للفلسفة الموسيقية التي يمكن أن يعمل بها المُلحِّن على النفس البشرية. الاستضاءة المساعدة على التأمل – الكمال المُغذي من خلال التأمل – التطهر والسمو،
كما كتب عن ميتافيزيقية الأخلاق.
في أعمال ألبرتس الأخيرة، يقول إنه لفهم الخير الإنساني أو الأخلاقي، يجب على الفرد أن يتعرف أولًا على ما يعنيه أن يكون جيدًا وأن يعمل الخير. يعكس هذا الإجراء انشغالات ألبرتس مع النظريات الأفلاطونية الجديدة من الخير فضلًا عن العقائد، ومازالت لأفكار الأب القديس قيمتها في الكنيسة الكاثوليكية. كما كانت له كتابات إنسانية في الصداقة وكل أنواع الحب بين البشر.
عانىَ الأسقف ألبرتس من الانهيار الصحّي حوالي أربعة أعوام، حتى رقد بعطر القداسة في 15 نوڤمبر 1278م، بدير الدومنيكان بكولونيا – ألمانيا.
تم تطويبه عام 1622م، عن يد البابا “جريجوريوس الخامس عشر”.
تم إعلان قداسته عام 1931م، عن يد البابا “پيوس الحادي عشر” وهو شفيع دارسي العلوم الطبيعية والفلسفة واللاهوت.
[ad_2]