الألــحـان الــقـبـطــيـة.. حَفِظَتْ موسيقانا الفرعونية (٢) – ladlamp
[ad_1]
عزيزي القارئ بعد أن إستعرضت معك في المقال السابق موضوع ” الألــحـان الــقـبـطــيـة حَفِظَتْ موسيقانا الفرعونية، وحدثتك أولا عن أهمية العبادة باللحن وجذورها ونشأتها، واليوم إريد أن أستكمل معك في هذا المقال علاقة الموسيقى القبطية بالفرعونية.
الموسيقى القبطية هي الوريث الوحيد لموسيقى الفراعنة:
إنها حقاً كذلك، فعندما أرادت جامعة حلوان أن تُنشيء منهجاً لطلبة دبلوم الدراسات العليا للموسيقى الفرعونية، لم تجد سوى الألحان القبطية التي يمكن من خلالها التعرف على موسيقى الفراعنة، فجعلت حجر الزاوية هي مادة الموسيقى القبطية، وانتدبت خبيراً من الكنيسة القبطية ليقوم بتدريسها. فمن خلال الألحان القبطية، قد أمكن معرفة طبيعة موسيقى الفراعنة من مقامات وأوزان وضروب وصيغ وقفلات موسيقية.
وبالرغم من أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر لم يكن هدفها الأساسي هو حفظ التاريخ الموسيقي الفرعوني، إلا أنه لو إستطاعت مصر الفرعونية فيما قبل القرن الأول الميلادي: أن تُقيم مؤسسة هدفها حفظ التراث الموسيقي للأجيال القادمة، لما استطاعت أن تفعل مافعلته الكنيسة القبطية. فقد عينت الكنيسة القبطية المرتلين Cantors أو “العِرفان” وكانوا مكفوفى البصر من أجل تسليم وتَسَلُم هذه الألحان، وذلك لتمتعهم بذاكرة قوية وقدرة شديدة على التركيز وإمكانياتهم الفائقة فى تخيّل النغمات والأشكال الإيقاعية والتى أطلقوا عليها مصطلح “الهَزّات”. وكأن الكنيسة القبطية دون أن تقصد سارت على درب القدماء المصريين الذين كانوا يفضلون أن يكون المغنّون من مكفوفى البصر، وقد كانوا يضعون أيديهم على وجناتهم أثناء الأداء، وهو تقليد يتبعه حتى اليوم بعض المشايخ في الترتيل الصوفي، إذ يساعد على تجسيد وتكبير حجم الصوت للمنشد.
وقد حرصت الكنيسة القبطية منذ عهدها الأول أن يتم إختيارهؤلاء المرتلين بعناية فائقة من حيث القدرة على الأداء الصوتى السليم للألحان القبطية، حتى أنه كتبت بعض كتب التاريخ الموسيقى والمراجع العلمية عن دور العريف في الكنيسة مؤكدةًأن الغناء التجاوبى أو الترددى هو أسلوب عُرف فى القرن الرابع عشر مأخوذاً عن الكنيسة القبطية القديمة، حيث كان يرد الكورس أو جماعة المصليين على العريف “المغنى المنفرد”، وقد أدى هذا الأسلوب إلى ظهور نوع المغنى البارع الفيرتيوز” Virtuose”. وهذا يؤكد أن أداء العريف كان رائعاً مُعبراً حتى أن الذين هم من خارج الكنيسة كانوا ينبهرون ويتأثرون من عذب ودقة أدائه. لقد كان يتلو العريف أرباعاً بينما ينصت الشعب ثم يجاوبون عليه فى كل آخر ربع بمرد ثابت.
وقد حفظت الكنيسة القبطية الخالدة التقليدية ماتسلمته من الآباء الرسل، حتى أنه إلى الآن لكل كنيسة مرتل خاص بها تكون مهمته الأساسية -إلى جوار الترتيل فى القداسات والتسبحة والصلوات الليتورجية المختلفة- أن يتولى تسليم الألحان أي “تحفيظها” لمجموعات من الشمامسة يصطفّون فى خورسين أثناء القداسات والتسابيح المختلفة، خورس بحرى وخورس قبلى، ويقف “المعلم” على رأس إحدى المجموعتين، ليقوم بدور القائد أو”Maestro” الذي بإشارات دقيقة بيده، يحدد السرعة المناسبة للحن، والطبقة الصوتية التي منها يبدأ الترنيم، وكذلك مواضع البدايات والنهايات للألحان. ويقوم المرتل بالعزف على آلة الناقوس لضبط الأيقاع، يعونه أحد الشمامسة في العزف على آلة المثلث.
عزيزي القارئ، أتمنى أن أكون قد إستطعت أن ألقى ببعضً من الضوء على الجذور الفرعونية للحن القبطي، وإلى اللقاء في مقال جديد نستكمل فيه هذا الحديث الهام، فإلى أن نلتقي لك مني كل محبة وسلام.
[ad_2]