تحطمت سيارتي وملأني الفرح – قصة قصيرة

غلاف كتاب قصص قصيرة

تحطمت سيارتي وملأني الفرح

 

 

بدأت الزيارة حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل حيث انطلقت مع بعض الأساقفة والكهنة إلى منزل أحد العاملين في بلد أوربي، وكأن معنا شاب أعزب يتسم بالبساطة؟

روى لنا الشاب قصة عاشها بنفسه، فقال:

كان لدي سيارة جديدة، تحطمت تماما في حادثة، واشتريت السيارة التي أستخدمها الآن

كنت سعيدا جدا حينما شاهدتها قد تحطمت، لأنني أشعر أني استحق هذا!”

استطرد الشاب البسيط حديثه، قائلا:

جئت إلى هذه المدينة، وقد وضعت في قلبي ألا أتدنس.

بدأت مثل كثير من الشباب القادمين من مصر أعمل في مطعم، لكي أشق طريق حياتي في بلد غريب.

فوجئت برئيستي في العمل تحبني جذا. حلولت الالتصاق بي بكل وسيلة. صارحتني أنها تفكر في الطلاق من زوجها، وطلبت مني أن أتزوجها، فرفضت تماما، وأوضحت لها أنني لا أقبل هذه العلاقة مطلقا.

استغلت ظروف غربتي، فكانت تطلب من مدير المطعم أن تأخنني معها لإتمام بعض التزامات خاصة بالمطعم، ظنا منها أن لقاءنا معا بمفردنا في السيارة قد يؤثر علي .

حاولت بكل لطرق أن تنفرد بي، لكنني كنت جادا معها فى أعماقى الخفية كما في سلوكي.

حاولت أن تقبلني فكنت أرفض.

وضعت في قلبي ألا أخطئ مهما كلفني الأمر. لكن تحت الضغط الشديد وفي ظرف معين استسلمت مرة واحدة إى لحظات، غير أنني سرعان ما تدركت الأمر، وظهر الحزن علي دون أن أمارس الشر بصورته كاملة. لم احتمل التهاون من جانبي، وشعرت أنني فقدت الكثير… ووقفت هي أمامي تتعجب لما يحدث، كأني إنسان شاذ لا مشاعر له.

صارت خطيتى أمامي، و أدركت أنني استحق تأديبا إلهيا حتى تتمرر الخطية في حياتي، هذه التي استسلمت لها إلى لحظات.

قدمت توبة أمام اللمه، وأحسست بالندم لا يفارقني.

اعترفت بخطيتى أمام أب اعترفي، ووعدت الله في حضرته ألا أبقى في هذا العمل مهما كانت الظروف.

+++

لم تمض أيام كثيرة حتى كنت مع صديق لى نتجه بسيارتي إلى مكان معين، وكنا نستمع الى بعض أغاني مثيرة عوض الاستفادة بوقتنا.

فى الحال مددت يدي و أخرجت (الكاسيت) ووضعت بدلأ منه (كاسيت) القداس ألألهى .

كنت أستمع الى تسجيل القداس ألألهى و أنا متهلل جدا بالله ، حتى القول : مستحق وعادل؛ مستحق وعادل.. وأذا برجل مخمور يققز فجأة نحو العربة، وكان الوقت ليلا، ونحن في طريق زراعي. حاولت تفاديه ففقدت سيطرتي على عجلة القيادة، وانحرفت السيارة عن الطريق، وسقطت، وانقلبت بنا خمس مرات.

وجدت نفسي مع صديقي خارج السيارة، كيف؟ لا أعلم، خاصة و أنني كنت أستخدم حزام السيارة. تطلعت إلى صديقي وقلت له و أنا أتامل السيارة: أنى مسرورللغاية .

 

تطلع إلى صديقى إذ حسبني أتحدث في غير وعي نتيجة الصدمة.

أكملت حديثي: “أنا أعلم لماذا سمح الله لي بتحطيم السيارة. أشكره لأجل

محبته لي واهتمامه بي”.

كانت علامات الفرح واضحة علي.

جاء رجل الشرطة لمعاينة الحادث، فسألنى: “من بداخل السيارة؟” فقد توقع أن من بداخلها حتما قد مات.

قلت له : “لا أحد؟ فقد خرجت أنا وصديقي كما ترانا، ليس بنا (خدش) واحد!”

قال رجل الشرطة في دهشة : “مستحيل! كيف خرجتما من السيارة وقد تحطمت تماماً؟!* ثم استطرد حديثه قاتلا: “في الأسبوع الماضي، وفي نفس الموقع أنحرفت سيارة، وانقلبت بنفس الكيفية، ومات من كان يقودها!؟”

عدت إلى منزلي وحسبت نفسي قد ربحت الكثير… لا أدري ما هو هذا الربح، إنما كان قلبي متهللا، وأعماقي مملوءة فرحا، مع أنه لم يكن لدي المبلغ الكافي لشراء سيارة أخرى، ولم يكن التأمين يغطيني.

أكمل للشاب قصته فروى لنا أنه عاد إلى عمله بعد أن قرر أن يسرع في تركه، ليس خوفا من أن تحل به عقوبة ما – أي تأديب إلهي، أو خسارة مادية تلحق به – وإنما شوقا نحو خلاص نفسه.

روى لنا كيف لمس يد الله تدفعه للترك. فقد جاءته رئيسته التي شعرت بأن كل وسال اللطف قد فشلت في جذبه إليها، فأرادت أن تستخدم وسائل الضغط و العنف. صارت توبخه وتتهمه علانية أمام زملائه أنه بطيء في عمله. وكان الكل يعلم أن ما تقوله كذب، إذ يشهدون له بنشاطه في العمل، و أنه يمارس عملا يحتاج للقيام به ثلاثة أشخاص.

لم يعرف زملاؤه سر تحولها ضده، إذ كأنوا يعتقون أنها كانت تلتصق به لأجل اهتمامه بعمله ونشاطه وقدرته.

قال لها: “إن كنت بطيئا في عملي، فأنا أقوم بدور ثلاثة أشخاص، ومحتاج ألى شخص يعمل معي”.

أجابت في غضب شديد وبلهجة عنيفة : ” إما أن تسرع في عملك أو تستقيل”.

هنا شعر كأن صوت فله يحدثه خلالها. في الحال وبغير تردد قال لها أمام الحاضرين: “الآن أنا مستقيل”.

إلقى بما في يده وانطلق ليخرج، فأدركت أنه جاد في قراره. حاولت إن تثنيه عن عزمه هي و من معها. صارت تلاطفه لعله يعدل عن قراره، لكنه أصر وخرج، ليس من أجل كرامته، وإنما لأجل أبديته.

لم يمض أسبوع حتى وجد عملا لم يكن يظن أن يحصل عليه، ولا وجه للمقارنة بينه وبين عمله الأول، من جهة نوع العمل والدخل. لقد شعر أن يد الله قد كافأته لأنه اهتم بخلاص نفسه وهو في بلد غريب وتحت ظروف قاسية، وعلى حسأب احتياجاته الضرورية.

 

تحطمت سيارتي – تحطمت سيارتي – تحطمت سيارتي
تحطمت سيارتي – تحطمت سيارتي – تحطمت سيارتي

 

تحطمت سيارتي

 

 


يسعدنا ان نقدم لكم كل ما يخص المحتوى القبطى باستمرار – كما نتمنى منكم دعمنا و تشجيعكم لنا من خلال مشاركتكم و تعليقاتكم على محتوى موقعنا – حتى نستطيع تقديم المزيد بشكل مستمر

فتابعونا دائما على [ ladlamp.com ]

 


facebooktwitteryoutube