القرن الثانى الميلادى (القسم الأول) تاريخ البطا ركة – كتاب تاريخ الكنيسة القبطية

تاريخ البطا ركة

(١) بريموس (٢) يسطس (٣) أومانيوس (٤ ) مركيانوس (ه) كلاديانوس (٦) اغرينيوس (٧) يوليانوس (٨) ديمتريوس

(١) بريموس – البطريرك الخامس :

ولد بمدينة الاسكندر ية وقيل انه ممن عمدهم الرسول مرقس . وقال عنه الانبا ساويرس المؤرخ انه كان عفيفا كالملاثكة و يفعل افعالا حسنة بنسك فاجمعت كلمة المؤمنين على انتخابه بطريركا. ولما ارتقى الكرسى المرقسى فى شهر ابيب سنة ١٠٩ م فى عهد ادريانوس قيصرازداد تمسكا بالفضائل وأضاف اليها الاجتهاد المتواصل فى سبيل تقدم المسيحية فى عهده ولهذا لم يكن يفتأ يقوم بنفسه بالوعظ والارشاد بدون كلل ولأجل هذه الغاية كان يتخير الرجال الاكفاء و يقيمهم أساقفة وقسوسا ووعاظا ليهذبوا الرعية بالآداب المسيحية وقد لبث يشتغل فى توسيع نطاق الكنيسة ٢ ١ سنة وساعده على تقدم العمل أن الكنيسة فى ايامه كانت فى سلام تام وطمأنينة كاملة . وكانت وفاته فى ٣ مسرى سنة ١٢١ م

(٢ ) يسطس – البطريرك السادس :

وحالما توفى الاب بريموس وقع اختيار الشعب على هذا الآب الفاضل الحكيم فرسم بطريركا فى شهر توت سنة ١٢١ م فى عهد ادريانوس وهومولود بالاسكندرية ولما أسس الرسول مرقس المدرسة اللاهوتية أقامه رئيسا عليها . فلبث يعلم فى تلك المدرسة حتى اقيم بطريركا فترك وظيفته الاولى الى أومانيوس وأخذ هويهتم بمسولية وظيفته الجديدة فخدم فيها بكل أمانه .

وجعل أهم أغراضه تبشير الوثنيين وجذبهم الى المسيحية فنجح فى عمله وتنصر منهم عدد عظيم . وا ستمر قا ئما بوظيفته عشر سنين وعشرة اشهر وخسة عشر يوما وتنيح فى ٢ ١ بؤونه سنة ١٣١ م

(٣) أومانيوس – البطريرك السابع :

وعقب البابا يسطس أومانيوس احد أفاضل مسيحى الاسكندرية . وقع الإختيارعليه فى شهر أبيب سنة ١٣١ فى عهد ادريانوس لم كان معروفا عنه من ألعفة والنزاهة لانه كان بتولا طاهرا . كان قبلا مديرا للمدرسة اللاهوتية ومن اشهرأعماله فى مدة البطريركية رسامة أساقفة للكرازة المرقسية فاقام منهم عددا كبيرا أرسلهم الى كل جهات القطرالمصرى والنوبة والخمس مدن الغربية لنشر بشرى الخلاص

وفى عهد هذا البابا البار اشتد الاضطهاد على المسيحين فنال الشهادة كثيرون من الاقباط وأقام البابا اومانيوس على كرسى الاسكندرية ثلاث عشرة سنة برضى الله والشعب وتنيح فى ٩ بابه سنة ١٤٤ م

(٤) مركيانوس – البطريرك الثامن :

ارتقى السدة المرقسية فى شهرهاتور سنة ١٤٤ م فى عهد انطونيوس بيوس قيصر وهومولود بالاسكندرية وكان مديرا للمدرسة اللاهوتية واستحق أن يرقى الى البطريركية لفضائلة واخلاقه الحميدة وقد حقق آمال من انتخبوه فاخذ بعد تنصيبه ينهج على آثار اسلافه الافاضل و ينسج على منوالهم فى هداية النفوس وتهذيب الاخلاق رغم الاضطهاد الذى كان مشتدا على المسيحيين وقتئذ. ولبث فى جهاده هذا مثابرا مدة تسع سنين وشهرين و٢٦ يوما الى أن رقد بالرب فى ٦ طوبة سنة ١٥٤ م

(٥) كلاديانوس – البطريرك التاسع :

انتخبه شعب واساقفة الاسكندرية بطريركا ورسم على الكرسى الرسولى فى شهرامشير سنة ١٥٤ م فى عهد انطونيوس بيوس وكان محبوبا من الجميع وهومولود بالاسكندرية وكان بارا حكيما. ولما قبض على زمام الرئاسة اخذ يتعهد الزرع الذى تركه له أسلافه وكانت أيامه هادئه لم يحصل فيها للنصرانية مايكدر صفوها. ولبث مواظبا على عمله مدة أريع عشرة سنة وستة أشهر وثلا ثة أيام وتوفى فى ٩ أبيب سنة ٦٧ ا م

(٦) اغربينيوس – البطريرك العاشر :

ولد بالاسكندر ية ورسم قسا بها وعرف بالصلاح والتقوى ونال رضاء الشعب والاساقفة بعد وفاة سلفه فجلس على كرسيه فى شهر مسرى سنة ١٦٧م فى عهد مرقس أوريليوس قيصر و بدأ يرشد و يعلم حتى تقدم فى عهده العمل الروحى وانتشرت كلمة الخلاص وزاد عدد المنضمين الى دين المسيح. وقفى على الكرسى اربع عشرة سنة وسبعة أشهر وتوفى فى ٥ أمشير سنة ١٧٨ م

(٧) يوليانوس – البطريرك الحادى عشر :

ولد بالاسكندرية وقيل انه كان تلميذا بالمدرسة اللاهوتية تحت ادارة الفيلسوف القبطى بنتينوس ففاق أترابه فى العلم وظهر عليهم بتقواه واستحق أن يرسم قسا . وبعد ذلك اختير بطريركا فى شهربرمهات ١٧٨ م فى عهد مرقس أوريليوس وعقب رسامته اشتغل بوضع ميامر لاسلافه البطاركه تخليدا لذكرهم وفائدة لخلفائهم

وكان هذا البابا الفاضل متقربا من الهه حتى أعلن له قبيل وفاته عن الشخص الذى سيلحقه فى البطريركية وذلك انه قد ظهر له ملاك الرب فى احدى الليالى قائلا « ان من يأتيك غدا بعنقود عنب هوالذى يكون بعدك على الكرسى المرقسى» واتفق فى ذلك الصباح أن رجلا كراما عاميا لا يدرى القراءة ولا الكتابة من أصل قبطى مسيحى يدعى ديمتريوس بينما كان يشذب آشجاره عثر بها على عنقود فى غير أوانه ففكرأن يهديه للبطريرك

وكان البابا يوليانوس حينئذ فى أوقاته الاخيرة واجتمع حوله كبارالشعب وعظمائه يستفهمون منه عمن يجدر به أن يكون خلفا له . فاخبرهم انه هو الذى يأتى الينا و يقدم عنقود عنب، فظنوا متحيرين أن البطريرك لا يعى ما يقول اذ لا يكن أن يوجد عنب فى الشتاء و بينا هم كذلك اذا بديمتريوس قد دخل وعنقود العنب بيده وقدمه للآب البطريرك فدهش الحاضرون وتناول البطريرك الهدية بسرور وأعلمهم بخبر ظهور الملاك له واوصاهم بانتخاب من عينه روح الله فاطاعوا وصيته وفعلوا بحسب اشارته

وكانت مدة بطريركية البابا يوليانوس عشرسنين وتوفى في ٨ برمهات سنة ١٩٠ م وقال الانبا ساو يرس فى خاتمة ترجمة هذا البابا « ومن بعد هذا البطريرك لم يقم أسقف الاسكندرية فيها بل صار يخرج سرا و يوسم كهنة فى كل مكان كمارمرقس الأنجيلى .

(٨) ديمتر يوس ١ – البطريرك الثانى عشر :

ولما قيل لهذا البابا انه انتخب ليكون بطريركا توسل بضراعة ملتمسا أن يعفى من هذه المسئولية الهائلة محتجا بعدم علمه وزواجه اذ كانت العادة ان البطريرك ينبغى أن يكون بتولا . فلم يلتفت الى طلبه وتمت رسامته رغما عنه فى ١٨ برمهات سنة ١٩١ م فى عهد كومودوس قيصر فلما رأى ذلك أخذ للحال فى اجهاد جميع قواه توصلا الى استدراك ما فاته من العلوم والمعارف ففتح الله عليه بشئء كثير من العلم وألحكمة حتى أصيح فى مقدمة علماء ذلك الزمان .

روى انه استحضر لديه معلما ليعلمه فكان يجلس هو على الكرسى ويجلس المعلم تحت موطئ قدميه فلم يكن يفهم شيثا فذات ليلة ظهرت له السيدة العذراء وقدمت له دواة ملأنة ماء فشرها ولما أصبح الصباح طلب من معلمه أن يجلس على الكرسى ويجلس هو تحته ففتح الله ذهنه وصار يفقه كل ما يلقى عليه من الدروس حالا .

وكان هذا البابا على جانب عظيم من التقوى حتى انه لم يباشر زوجته مباشرة زواج البتة وقد حدث أن البعض تقمقموا عليه بسبب زواجه ولم يرق فى نظرهم أن يكون البطريرك ذا زوجة كباقى الناس فعلم بهذا الامر وانتهز الفرصة فى يوم الصلاة وبعد تأدية الخدمة الدينية استحضر زوجته ووضع فى مئزرها بعضا من جمر نار المبخرة ووضع كذلك فى جبته وطاف على هذه الحال هو وهى بين الشعب وأمامها نفر من الشمامسة ينشدون التراتيل الروحية حتى انتهوا من دورتهم دون أن يحدث للمئزر والجبة أى شيء من تأثير النار فاندهش المنتقدون وأقتنعوا بواسطة ما شاهدوه بطهارة معاشرته لامرأته وطلبو منه الصفح والغفران. وقيل انه كان فى مبدأ أمره ممتنعا عن الزواج فاجبره والده على الزواج من ابنة عمه وبعد اقترانه من امرأة صالحة كانت قد نذرت البتولية وأجبرت على الزواج نظيره كاشفا بعضهما بما فى عزمهما واتفقا على المعيشة معا بطهارة تامة فعاشا كذلك ٤٨ سنة ، قيل وكان ملاك الله يظللهما أثناء نومهما. وبعد هذه الحادثة أمر زوجته بأن تعيش مع العذارى اللواتى نذرن العفة وأنفردن للعبادة

ولعظم تقوى هذا البابا كان مطلعا بألروح على أعمال الخطاة القبيحة . فكان يكثر من توبيخهم وتبكيتم وعندها كان أحدهم يتقدم الى تناول الاسرار المقدسة وهو متعلق بأية خطية كان يمنعه من الاشتراك و يوضح له خطيته حتى يخجل و يقر بذنبه و يتوب توبة حقيقية

ولبث مواظبا على عمله حتى شاخ وكبر فكان يحمل الى البيعة فى محفة وهو لا يفترعن التعليم من الغداه الى الليل والاخوة يتوافدون اليه للاستفادة من تعاليمه والاستفهام منه عما اشكل عليهم اداركه مع أن قواه لم تكن تساعده على الفحص فى العلوم والكتب الاخرى. وكان بطريرك الاسكندرية هوالاسقف الوحيد فى مصر لحد ذلك العهد فرأى هذا البطريرك انه من الضرورى أن يعين ثلاثة اساقفة آخرين للاقاليم البعيدة عن مركز البطريركية ليتمكنوا من رعاية قطيع المؤمنين

وفى سنة ٢٠٢م رقى هذاالبابا العلامة اوريجانوس رئيسا للمدرسة اللاهوتية خلفا لاكلمندس الاسكندرى. وفى سنة ٢٣١ م ساء البطريرك الظن باوريجانوس ووقع بينها نفور ادى البطريرك الى عقد مجمع حرم فيه اوريجانوس ونفاة وعين مكانه ياروكلاس أحد تلاميذ اوريجانوس

ويقول المؤرخون أن هذه هي الغلطة الوحيدة التى شط بها البابا ديمتريوس عن سبيل الصواب وذلك لانهم يذكرون لاوريجانوس دفاعة المجيد عن المسيحية وكان يجدر ببطريرك تقى كهذا أن لا ينسى ماض اوريجانوس الذى يدل على غيرته وفضله لاجل غلطه صغيرة ارتكبها كها سيأتى بنا فى ترجمة ذلك العلامة

وفى أيام هذا البابا كان هياج بمدينة الاسكندرية وثار الاضطهاد على المؤمنين فسطالبنوس والى مصر الرومانى على البطريركية ونهب أمتعتها وسلب أوانى الكنيسة وقبض على البطريرك نفسه ونفاه الى اوسيم حيث بقى فيها الى أن هدأت نيران الاضطهاد ولبث على الكرسى 42 سنة ثم توفى فى 12 بابه سنة 232 م و له من العمر 105 سنة