القرن الأول الميلادى (القسم الثانى) تاريخ البطا ركة – كتاب تاريخ الكنيسة القبطية
…
القرن الأول الميلادى
القسم الثانى
تارخ البطا ركة
( ١ ) مرقس الرسول (٢) انيانوس (٣) ميليوس (٤) كرذونوس
(١ ) مارمرقس الرسول :
ولد هذا القديس من أبوين يهوديى الاصل استوطنا فى بلدة تسمى ( اير يانولوس ) بأقاليم المدن الخمس الغربية ( بنتابوليس) من شمالى قارة افر يقيا ، و يدعى أبوه أرسطوبولوس قيل انه أبن عم زوجة بطرس وأخو توما الرسولين وقيل انه كان لاويا وكاهنا ولكن هذا لم يثبت وامه مريم كانت أخت برنابا الرسول كما هوواضح من ( كو ٤ : ٠ ١ ) وكان أبواه على جانب عظيم من التقوى والورع متمسكين بشريعة آباثهما وأجدادهما . ويقال انهما كانا من ذوى اليسر فسطت عليها بعض قباثل البدو الرحل ونهبت أموالهما وامتعتهما حتى أصبحا معدمين وأصابهما الفقرالمدقع واضطرهما ذلك الى هجر المدينة فقصدا فلسطين موطن آبائهما واقاما زمانا بالقرب من أورشليم وكان هذا الرحيل قبيل ولادة مارمرقس أو بعد ولادته بقليل
نشأ مارمرقس فى فلسطين مركز اعلان بشارة خلاص العالم. و يرجح انه آمن بالمسيح على يد بطرس الرسول لانه كان يدعوه ابنه ( ١ بط ٥: ١٣) ولما كان بطرس الرسول قريبا لمارمرقس كما سلف اقتدى هذا به على أثر ايان ذاك بالمخلص . وكان مارمرقس مماثلا لماربطرس فى الغيرة والحمية على مجد الرب وخلاص النفوس وكان أول ثمرتعبه فى خدمة فاديه جذب والده الى الايمان لانه كان يهوديا غير مؤمن بالمسيح وذلك انه بينما كان وأبوه ساثرين فى طريقهما الى جهة الاردن اذ قابلها أسد ولبوءة يزأران بصوت مخيف . فخالج قلب ابيه الخوف ولم يشأ حنوه الابوى الا أن يوعز اليه أن يلوذ بالفرار و ينجو بنفسه مستعدا لتقديم ذاته الى الوحشين رغبة فى خلاص ابنه .
الا أن القديس طمأن والده وهو موقن بأن السيد المسيح سيخلصهما من هذه الضيقة . ثم رفع عينيه نحو السماء وصرخ بحرارة الى السيد المسيح قائلا له «يا ابن الله الحى الذى نؤمن به نجنا من هذه البلية وانقذنا من شرهذين الوحشين الكاسرين » وما لبث أن التفت حوله فوجد الاسدين وقد انطرحا على الارض لا حراك فيهما. فشكر الرب على هذه العناية وربح اباه الى جانب المسيح لانه عندما رأى فاعلية ايمان ابنه آمن بالمخلص ومجد اسمه القدوس
ولما اختار السيد المسيح سبعين رسولا ليرسلهم أمام وجهه الى كل موضع حيث كان هو مزمعا أن يأتى انتخب بينهم مارمرقس وكان يلقب (بالثاوفوروس) أى حامل الاله . وكان لهذا الرسول اسمان فسمى «يوحنا » وهواسمه اليهودى وسمى «مرقس » وهواسمه اليونانى . وكان منزل والدته محط رحال التلاميذ ومقر اجتماعهم للعبادة وفيه كانوا يصلون لاجل خلاص الرسول بطرس من السجن ولما أطلق أتى اليه (أع ١٢:١٢ و ٢٥) و يظن أن بيته كان معروفا فى زمن السيد المسيح أيضا . والبعض يقولون ان المخلص لما أرسل اثنين من تلاميذه وقال لهما اذهبا الى المديئة فيلاقيكا انسان حامل جرة ماء فاتبعاه (مر١٤: ١٣) كان يقصد مارمرقس . وقالوا انه هو الشاب الذى كان لابسا ازارا على عريه ليلة موت المخلص ولما تبعه وأمسكه الشبان ترك الازار وهرب منهم عريانا (مر ٥١:١٤) وقد رجحوا ذلك لانفراده بكتابة هذين الخبرين ولم يكتب حادثه الجرة الا لوقا ويظهر انه سمعها منه . وقال الانبا ساويرس المؤرخ أسقف الاشمونين « انه كان من جملة الخدام الذين استقوا الماء الذى صيره سيدنا خمرا فى عرس قانا الجليل » أه . وكان هذا الرسول أيضا يأوى التلاميذ فى بيته فى زمان آلام المسيح و بعد قيامته من الاموات حيث دخل عليم والابواب مغلقة . “
وفى خدمة التبشيركان هذا الرسول رفيقا لبولس وبرنابا (أع ١٢: ٢٥) ولكنه تركها فى برجة ورجع (أع ١٣: ١٣) ولما أراد برنابا أن يأخذه معهما فى السفرالثانى للتبشير لم يستحسن بولس ذلك لانه تركهما فى برجة فى السفرالاول فاختلفا فى أمره وانتهى الامربانفصالهما فأخذ برنابا مرقس معه الى قبرص سنة ٤٩م
وبعد هذا التاريخ بثلاث عشرة سنة أظهر بولس لاهل كولوسى رضاه عنه وتحقق امانته حيث قال لهم «ومرقس ابن اخت برنابا الذى أخذتم لاجله وصايا ان أتى اليكم فاقبلوه» ( كو ١٠:٤) وفى هذه الآية اشارة الى عزم مرقس على الذهاب الى كولوسى وحده للكرازه . ويتضح من رسالة فليمون انه فى ذلك الوقت كان شريكا للرسول بولس فى اتعابه برومية (فل ٢٤) وكان مع تيموثاوس فى أفسس حين كتب بولس الى تيموثاوس رسالته الثانية بين سنة (٦٧ و٦٨) ورغب أن ياتى به اليه بدليل قوله «خذ مرقس واحضره معك لانه نافع لى للخدمة »
أما علاقته ببطرس الرسول فلم يروعنها خبرصحيح الا ما كتبه هذا الرسول فى رسالته الاولى بين سنة ٦٣ و ٦٧ م وهو قوله «تسلم عليكم التى فى بابل المختارة معكم ومرقس ابنى»(١ بط ١٣:٥) وقد أختلف المفسرون فى أى بابل يعنى الرسول . فقال قوم وهم الغربيون انه يقصد بابل رومية لكى يثبتوا ادعاءهم أن بطرس كان أسقفا على رومية ودليلهم اطلاق صاحب الرؤ يا لقب بابل على رومية (رؤ٨:١٤) لانها كانت تشبه بابل القديمة فى فسادها ولكن لا دليل على أن رومية كانت تعرف وقتثذ بهذا الاسم المجازى لان سفرالرؤيا كتب بعد موت الرسول بطرس بثلا ثين سنة وقيل أيضا أن المشاراليها هى بابل اشور ولكنها كانت حينئذ قرية صغيرة ضاع مجدها السابق فليس هناك ما يلجى بطرس الى الذهاب اليها وجعلها مركزا يكتب منه رسائله ولكن الصحيح انها كانت «بابيليون » مصر القريبة من عين شمس لانها كانت فى ذلك الوقت بلدة آهلة بالسكان فضلا عن انه كان فيها هيكل اليهود المشهور وعدد عظيم منهم وباعتبار أن بطرس كان رسولا للختان لاسيا بين المتشتتين لا بد له من تبشير يهود ذلك المكان . ومما يزيد المسأله ايضاحا ذكره لمرقس الرسول عقب ذكره لبابل (عد ١٣) ومعلوم لنا أن مصر كانت مركزا لمارمرقس فيكون بطرس فى ذلك الحين مقيا هناك حيث كتب رسالته
أما الغربيون فيدعون بأن مرقس ذهب الى رومية وهناك رسمه بطرس اسقفا وارسله للتبشير فى اكويلا من أعمال البندقية بايطاليا ولما رجع الى رومية لم يجد الرسول بطرس فطلب اليه المؤمنون ان يدون لهم أخبار السيد المسيح كما سمعوها من فم الرسول بطرس فدون انجيله باللا تينية ولم حضر الرسول بطرس الى رومية اطلع عليه وأعجب به وامره أن يذهب الى مصرسنة ٥٨ م فنقل انجيله الى اللغة اليونانية لينشره بين للمصريين .
والخلط ظاهرفى هذا الكلام لانه يتضح لمن يطالع العهد الجديد أن علاقة مرقس كانت متصلة ببولس أكثرمنها ببطرس. أما وجود بطرس ومرقس فى بابل مصر فسببه أن مرقس بعد أن. بشر فى انطاكيه وقبرص ورمية واكويلا وخدم هناك خدمات جليلة يمم نحو افر يقيا فجاء أولا الى مسقط رأسه فى الخمس المدن قصدا فى اجتذاب أهلها الى الايمان ومن ثم قصد الديارالمصرية سنة ٥٥ م لنشر بشارة الخلاص فى انحائها وهناك كتب انجيله فى سنة ٦١ م . قال القديس يوحنا فم الذهب «أن انجيل القديس مرقس قد كتب فى مصر
واتفق أن بطرس الرسول أتى مصر لتبشير اليهود المتشتتين فيها كما هى خدمته فتقابل معه مرقس فى مدينة بابيليون التى فيها حرر رسالته الأولي وذكرمرقس لوجوده معه فى ذلك الحين. وسبب تسميته بابنه ليس أنه كان خاضعا له فى الكرازة بل هو انه عرف المسيح بواسطته كما ذكر آنفا راجع (١ كو٤: ١٥ و١٦) .
قالوا أن مرقس كتب انجيله بمناظرة بطرس وارشاده واستدلوا على ذلك بأمرين (1) لانه لايستطيع أن يستقى هذه الاخبارالا من أحد الرسل الاثنى عشر (٢)لان الانجيل خال من كل ما من شأنه أن يعود بالتعظيم على بطرس أما من جهة الامر الاول فان مرقس كمأ تعلم كان من السبعين تلميذا وكانت له علافة بأغلب الرسل المقربين فلا شك انه أخذ هذه الاخبارعنهم كما أخذ عنهم لوقا أيضا فضلا عما هو معلوم من أن بيته كان مقرا لكثير من أعمال المسيح ورسله. وأما عن الامر الثاني فلا يبعد أن بطرس حينا قابل مرقس بمصر أطلعه على انجيله فأشار عليه من باب التواضع أن يرفع منه كل ما يعود عليه بالتمجيد فأجابه مرقس الى طلبه لما رأى فيه من الصواب
جاء مرقس الى الديارالمصرية فى مدة اوثون قيصر فى وقت كانت فيه مشحونه بالاهالى عامرة بالسكان يبلغ عدد من فيها من النفوس اثنى عشرمليونا وقيل بل عشرين مليونا
واتخذ مارمرقس الاسكندرية مقرا لخدمته لانها كانت حينئذاك تجمع اجناسا مختلفة من مصريين وحبش ونوبيين ويهود ويونانيين وغيرهم وكانت قصبه ولاية مصر ومركزا مهما للتجارة ومكانا آهلا بالعلم والعرفان وكانت تعتبر المدينة الثانية بعد رومية وكان فيها حيان لليهود من خمسة أحياء . وقبل أن يدخل الرسول المدينة صلى الى الله لكى يدرعه بالاسلحة الروحية اللازمة لمثل ذلك الجهاد الذى كان مزمعا أن يدخل فى ميدانه
ولما دخل المدينة جعل يطوف فى جيع شوارعها ليتفقد أحوالها حتى يقطع حذاؤه وكان ذلك فاتحة خير لاعماله المجيدة ودبرت العناية الالهية أن يعرج على اسكافى بالسوق يدعى «انيانوس » ليرتق له الحذاء . وبينما كان الاسكافى يشتغل اذ دخل المخراز فى يده فأدماها ولشدة الالم صاح قائلا « ايوس ثاؤس» الذى تأويله « الاله الواحد» وهذا دليل على تمسك المصريين بعبادة الاله الواحد من قديم الزمان. فسأله القديس كيف يعرف الله فلم يحر جوابا يؤيد ادراكه لما فأه به فطلب الرسول من أجله بحرارة وتفل على الارض وأخذ جزءا من الطين ووضع على الجرح وقال «بسم الآب والابن والروح القدس الى الابد أن تشفى يد هذا الانسان» فالتأم الجرح فى الحال
ثم ابتدأ الرسول يكرز للاسكافى بشارة الخلاص وكانت كيفية شفائه جعلته يصغى جيدا لكل كلمة يقولها الرسول ويخضع لها. ثم دعاه الى منزله فقبل الرسول هذه الدعوة بسرور وهناك فى تلك الداراعترف الرجل وأهل بيته بيسوع مخلص العالم. ومن ثم أخذت كلمة الله تنمو وتمتد بسرعة حتى ان فى وقت وجيز تتلمذ للرسول كثيرون من المصريين رجالا ونساء فعمدهم ولكى يرشدهم الى حقائق الخلاص العميمة كتب لهم انجيله المقدس باللغتين اليونانية والقبطية
وفى ذلك الحين تقابل مع الرسول بطرس بينما كان يطوف البلاد وكان موضع المقابلة بابيليون كما سبق معنا وكان ذلك بين سنة ٥٨ و ٦٢ م ولما رحل الرسول بطرس عن مصر رجع مارمرقس من الطواف الى مدينة الاسكندرية وكان المؤمنون قد كثروا فسماء هذا كهنة المصريين وأهل العلم بمدينة الاسكندرية ووقعت بين الفريقين مناظرات ومجادلات دينية أياما طوالا كان الظفر فيها لمرقس واصحابه فتآمرعليه الوثنيون فرسم انيانوس اسقفا للمؤمنين ومعه ثلاثة قسوس وسبعة شمامسة وخرج من عندهم وحضر الى برقة أو بالحرى الى الخمس المدن الغربية وأقام بها سنتين يبشرو يرسم كهنة
ويظهر أنه فى ذلك الحين طلبه الرسول بولس اليه لمهام تبشيرية بينما كان مأسورا برومية أول مرة كما يتضح من (كو ٤ : ٠ ١ ) فلبى نداء بولس وذهب اليه فى رومية حيث اشترك معه فى اتعاب كثيرة كما يظهر من (فل ٢٤) فنرى هنا أن مارمرقس الرسول قضى وقتا فى تد بير ورعاية كنيسة رومية ولكن لا تحت اشراف بطرس بل بموجب طلب بولس وتحت ارشاده . ولابد أن يكون كاروز الديار المصرية قد زار رومية بعد ذلك وذهب لزيارة شر يكه فى العمل تيموثاوس بأفسس . ولما علم الرسول بولس ذلك ارسل لتيموثاوس رسالته الثانية بين سنة ٦٧ و٦٨ يقول له « خذ مرقس واحضره معك لانه نافع لى للخدمة»(٣ش١١:٤) فانطلق مع تيموثاوس الى رومية ولم يتركها هذه المرة الا بعد استشهاد الرسولين بطرس و بولس بين سنتى ٦٥ و ٦٨ م ثم عاد الى الكنيسة الاسكندرية غرس يده وزرع يمينه ليفتقد أحوالها و يتبين شؤونها
ولا قدم الاسكندرية للمرة الثانية ربما فى أواخرسنة ٦٧ م أو أوائل سنه ٦٨ م وجد أن أثماره قد ازهرت والمسيحية آخذة فى الازدياد المطرد حتى ابتنى المؤمنون لهم كنيسة فى موضع يسمى (بوكاليا) أى مرعي البقر وقيل انه فى ذلك الوقت أنشأ مارمرقس المدرسة اللاهوتية وأقام يسطس رئيسا عليها. ثم أخذ يجول فى جميع الاماكن التى يوجد فيها المومنون مثبتا اياهم على ايمانهم الاقدس
وقد حدث فى يوم ٩ ٢ برموده (٢٦ أبر يل ) بينما كان المسيحيون يحتفلون بعيد الفصح والوثنيون بعيد الههم سيرابيس اخذ الرسول مرقس يقبح عبادة المخلوق دون الخالق ونهى سامعيه عن هذا ألضلال وارشدههم الى طر يق النور والحق والحياة. وكان الوثنيون يبغضونه بغضا شديدا كما رأوا نجاح عمله واتباع الوثنيين له. ولما سمعوا منه هذه الاقوال استنكروها للغاية وهاجوا فى المدينة طالبين مرقس الرسول لتجديفه على الهتهم فتربصوا له والقوا عليه الايدى وربطوا حبلا فى عنقه
وأخذوايطوفون به فى شوارع المدينة طول النهار ويجرونه فوق الصخور حتى تمزق لحمه وهشمت عظامه وسال دمه البريء وهو محتمل اهانات شديدة وتحقيرا كثيرا حتى أتى الليل فطرحوه فى السجن حيث ظهرله ملاك الرب فى رؤيا وشدد عزيمته
ولما أصبح النهارعاد الوثنيون الى تمثيلهم الفظيع به وهم يزأرون و يصيحون قائلين « جروا الثور الى بوكباليا » وكان الرسول فى اثناء ذلك يسبح الله و يشكره حتى فارقت روحه الطاهرة جسده البار مستشهدا فى ٣٠ برمودة سنة ٦٨ م . واراد جماعة الوثنيين بعد ذلك حرق جسده فاوقدوا النار وأشعلوا جذوتها ولكن شاءت ارادة الله ان توقفهم عند هذا الحد السى فهبت ريح شديدة وأمطرت السماء غز يرا فاطفئت نيران ايديهم ولبثت نيران قلوبهم تلتهب غيظا . وقد فر المسيحيون بجسد القديس ودفنوه بكنيسة بوكاليا . وقد حفظ فى كنيسة الاسكندرية الى الجيل السادس أوموفور يون القديس نفسه أو وشاحه الكنسى وجميع البطاركه الذين جلسوا على كرسى البطريركية بعده كان يلتزم كل منهم بعد انتخابه أن يضع فى عنقه الوشاح المشار اليه
وقد اظهر الرب على ايدى الرسول اثناء اقامته بالبلاد المصرية آيات كثيرة وعجائب متعددة تأسس بواسطتها ملكوت الله وتأيد انجيله . وقيل فى وصف الرسول انه كان معتدل القوام أبيض الشعر ناصعه يكلل هامته كالتاج . انفه طويل و رفيع . وتقاطيع وجهه جميلة متناسبة . حواجبه مائله الى الجهة الداخلة مقوسة . لحيته طويلة وكثيفة والرأس صلعاء . واصطلح أن يرسم بجانب صورة القديس صورة اسد رمزا الى افتتاحه انجيله بالصراخ الاسدى صراخ يوحنا المعمدان فى البر ية حيث قال « انا هوالصوت الصارخ فى البر ية» وقيل ان ذلك من عمل أهالى البندقية الذين سرقوا جسده فى القرن التاسع حيث كانت علامة وطنهم المميزة لهم شكل أسد ذى اجنحة. امأ الكلام على بقايا جسده فسيذكر فى حينه.
(٢ ) انيانوس:
هو البطريرك الثانى من بطاركة الكرسى الاسكندرى سيم أسقفا سنة ٦٢م فى شهر بشنس مدة حكم وسبانيوس قيصر ، بيد مارمرقس وذلك حينما برح هذا الرسول الاسكندرية لاول مرة فاقامه لينوب عنه فى تدبير الكنيسة مدة غيابه. وبعد انتهاء القديس جلس بعده على كرسى البطريركية وقد مر بنا كيفية اهتدائه للمسيح وعقب ذلك ترك جميع مهامه العالمية واشغالته الدنياوية واشتغل فى خدمة حقل المسيح الجديد فى مصر وحول بيته الى كنيسة، قال (ابن بطريق) المؤرخ «أن مرقس الرسول صير مع حنانيا ( انيانوس) اثنى عشر قسيسا وأمرهم اذا مات البطريرك ان تختاروا واحدا من الاثنى عشر قسيسا و يضع الاحد عشر قسيسا ايديهم على راسه و يصلحونه بطريركا و يباركونه ثم يختارون رجلا فاضلا و يصيرونه مكان ذلك القسيس ليكونوا اثنى عشر ابدا
فلم يزل القسوس بمدينة الاسكندرية بطاركة الاسكندرية من الاثنى عشر قسيسا الى وقت الاكسندروس بطريرك الاسكندرية الذين كان فى مجمع الثلاثمائة وثمانية عشر(نيقية الاول المسكونى ) وانه منع من أن يصلح القسوس البطريرك وانقطع ذلك الرسم وأمر أن لا يصلح البطاركة الا الاساقفة.
غير أن أغلب المؤرخين يتفقون مع الانبا ساوريرس بأن الرسول مرقس رسم مع انيانوس فقط ثلاثة قسوس وسبعة شمامسة جعلهم يخدمون ويثبتون الأخوة وقد شهد المؤرخون للبابا أنيانوس بالصلاح و التقوى وقال عنه اوسابيوس المؤرخ (انه كان محبوبا من الله مقبولا عنده) وقال آخر (كان قلبه ينظر قلب الله يعرف مشيئته و يتممها ) أه
وفى عهد البابا انيانوس نجحت التعاليم المسيحية واتسع نطاقها وتمذهب بها الكثيرون من أرباب المناصب العالية والاكابر والاعيان وبعض رجال الدولة وكثر المؤمنون فرسم منهم كهنة وخداما ، واقام اثنتين وعشرين سنة وتنيح فى العشرين من شهرهاتور سنة ٨٤ م وقد تولى أثناء جلوسه على الكرسى سبعة قياصرة هم نيرون وجلبا واوثون وفيتيليوس ووسباسيان وتيطس ودومتيان
(٣ ) ميليوس :
وهو ثالث بطاركة الاسكندرية انتخب للبطريركية بعد وفاة البابا انيانوس فى شهر كيهك سنة ٨٤ م وفى عهد دوميتيانوس قيصر باجماع آراء الشعب . وكان هذا البابا مشهورا بالعفاف متصفا بالتقوى والغيرة على رعية المسيح فأخذ يثبت الشعب فى الايمان حتى نما عدده بمصر والخمس المدن وافر يقية وشرع المصريون يحتقرون الاعتقاد بعبادة الاوثان و يتهافتون على الانضمام لحضن المسيحية أفواجا وسادت فى أيامه السكينة وكانت الكنيسة متمتعة بالسلام الكلى
وقد روى بعض المؤرخين أن دوميتسيانوس قيصر طرد البابا ميليوس من الكرسى الاسكندرى وأقام عوضه غير أن هذه الرواية لم يقم دليل على صحتها ولم تتناقلها أقلام المورخين ورقد هذا البابا فى أول توت سنة ٩٦ م
(٤ )كرذونوس :
البطريرك الرابع . وما علم الكهنة والاساقفة الذين كانوا يباشرون الخدمة فى البلاد بأن البطريرك تنيح حتى حزنوا واجتمعوا فى مدينة الاسكندرية و تشاوروا مع الشعب المسيحى ألذين فيها وطرحوا القرعة لكى يعرفوا من يستحق الجلوس على كرسى الاسكندر ية فاتفق رايهم بتأييد الله على انتخاب رجل فاضل اسمه كرذونوس قيل انه ممن عمدهم الرسول مرقس فرسم بطريركا فى شهر بابة سنة ٩٦م فى عهد تراجان قيصر وكان عفيفا متصفا بكل الصفات الصالحة فرعى كنيسته باجتهاد وأمانه مدة عشرين سنة وستة أشهر وعشرة أيام
وقبض عليه واستشهد فى الاضطهاد الذى اثاره تراجان قيصر. قيل ان سبب القبض عليه هو ان واليا رومانيا قال له « لماذا لا تشركون الهتنا بالهكم وتبقون على عبادته» فأجابه « لأننا لا نسجد لآخر» وكان استشهاده في ٢١ بؤونه سنة ١٠٦ م وقد خلا الكرسى بعده ثلاث سنوات نظرا لشدة الاضطهاد وعدم تمكن الشعب المسيحى من اتخاب خليفة له .
يسعدنا ان نقدم لكم كل ما يخص المحتوى القبطى باستمرار – كما نتمنى منكم دعمنا و تشجيعكم لنا من خلال مشاركتكم و تعليقاتكم على محتوى موقعنا – حتى نستطيع تقديم المزيد بشكل مستمر
فتابعونا دائما على [ ladlamp.com ]
…