القرن الأول الميلادى فجر المسيحية فى مصر (القسم الأول) – كتاب تاريخ الكنيسة القبطية

غلاف كتاب كتاب تاريخ الكنيسة القبطية

القرن الأول الميلادى فجر المسيحية فى مصر

 

 

القرن الأول الميلادى

فجرالمسيحية فى مصر

القسم الأول

مجى السيد المسيح الى مصر

 

ان الله تعالى أظهر غيظه فى كثير من الاوقات على مصرفضربببببها مرة بالضربات العشر وبعد ذلك توعدها على السنة أنبيائه بأنواع عقوبات شديدة غير انه سبحانه لم يشأ أن يغلق باب رحمته فى وجوه المصريين فجهز لهم بركات عظمى وثمينة وأنبأ بفم هوشع نبيه قائلا «من مصر دعوت ابنى » (هو١١: ١) ومع أن هذا القول كان أولا اشارة الى اخرإج شعب اسراثيل من مصر ولكنه صار أشارة رمزية الى السيد المسيح لم هرب من وجه هيرودس ملتجئا الى مصر كما أشار الانجيلى متى (٢: ١٥) وكان بقاء ذلك الشعب مدة فى مصر رمزا الى مكث المسيح هناك . الا أن الارض التى كانت لليهود أرض تنهد وعبودية صارت لملك اليهود المولود جديدا أرض ملجأ وراحة :

ان الله قد أراد أن يهرب ابنه الى مصر ليعطى المصريين عربون المصالحة العتيدة بعد ان انزل بهم الضربات العديدة . وكانت مصر ملجأ لاعظم رجال الله كابراهيم ويعقوب ويوسف وارميا مرارا كثيرة . ولئن كانت قد ضربت باللعنة الا اجا تقدست بوطى قدمى المسيح .

 

القرن الأول الميلادى فجر المسيحية – القرن الأول الميلادى فجر المسيحية – القرن الأول الميلادى فجر المسيحية

 

و يقول البعض بأن مجيء المخلص الى مصر كان اتماما لما جاء (بأش ١٩: ١) حيث قيل « هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم الى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه و يذوب قلب مصر داخلها » . وقد أنبأ الله فى خاتمة ذلك الاصحاح برجوع المصريين اليه بقوله « و يضرب الرب مصر ضاربا فشافيا فيرجعون الى الرب فيستجيب لهم و يشفيهم » ( عد ٢٢) وقد تم هذا القول .فقد كانت مصر مملكة مسيحية من القرن الثالث الى السابع ولم يزل فيها بعض المسيحيين من أبناء الكنيسة القديمة الى الآن ونحن بنعمة الله منهم.

ولانعلم كم كان عمر السيد المسيح حين قدومه الى مصر وبعضهم يرتأى انه كان ابن سنتين استنادا على أمر هيرودس بقتل الاطفال من أبن سنتين فما دون حسب الزمان الذى تحققه عن الصبى من المجوس (مت ١٦:٢) ولكن الزمان الذى تحققه من المجوس لا ينسب الى قوله ابن سنتين بل الى قوله « ما دون» لان هيرودس أمر بقتل الاطفال من ابن سنتين لمزيد الاحتراس على قتل ا لمخلص كما زاد على مدينة بيت لحم «كل تخومها» حتى لا ينجو المسيح بطريقة من الطرق

ولكن الارجح بل المعلوم لنا ان المسيح لم يكن عمره اذ ذاك يزيدعن الثلاثة أشهر لان المسيح ولد سنة ٣٤٩ لبناء مدينة رومية حسب رأى أفضل المحققين وهيرودس كما دون يوسيفوس المؤرخ مات سنة  350 لبناء رومية فتكون المدة بين ولادة المسيح وموت هيرودس سنة وأحدة و يكون المسيح قد هرب الى مصر وسنه ثلا ثة أشهر واستمر بها سبعة أشهر وفى نهايتها بلغه موت هيرودس ولا يمكن أن يكون المخلص قد ذهب الى مصر قبل مرور ثلا ثة أشهر على ميلاده أو عقب ولادته بقليل كما ذهب البعض بدليل عدم خوف يوسف البار والسيدة العذراء من الذهاب الى أورشليم وتقدمة الرب علانية فى الهيكل بعد مولده باربعين يوما . ولو كان سجود المجوس وثخبيرهم لهيرودس على أثر ميلاده لقتله هيرودس ولم يجسرا أن يذهبا به الى الهيكل ( راجع لو٢: ٢٢ و٢٣ ولا ١:١٢)

 

القرن الأول الميلادى فجر المسيحية – القرن الأول الميلادى فجر المسيحية – القرن الأول الميلادى فجر المسيحية

 

أما العائلة المقدسة فأتت من بيت لحم الى مصرعن طر يق الصحراء باجتياز القنطرة . ولا نعلم أيضا كيف تمكنت العائلة المقدسة من استحضار النفقة اللازمة للسفر والاقامة فى مصر ولكن يفهم انه كان عندهم الذهب الذى أهداه المجوس اليهم . وان يوسف كان نجارا ماهرا مجتهدا وكان يستطيع أن يدأب فى صناعته لتقدم حاجات العائلة ويؤخذ من التواريخ الكنسية أن السيد جاء الى مصر مع والدته و يوسف النجار وسالومة عن طريق صحراء سيناء . ودخلوها من جهة الفرمة ( الجهة الواقعة بين بورسعيد والعر يش ) ومنها أتوا الى مدينة بسطة فلم يقبلهم أهلها فنزلوا بظاهرها أياما ثم ساروا منها الى مدينة سمنود ومن هناك عبروا النيل الى اقليم الغربية واجتازوا غربا بجبل النطرون ببرية شيهات ، فباركته أم النور. ثم ساروا الى مدينة الاشمونين .

ودخلوها وهم لايعلمون لهم مأوى فاقاموا فيها أياما. قال بعضهم « ظهرت على يد المخلص فى الاشمونين آية وهى ان خمسة جمال زاحمتهم فى مرورهم فصرخ فيهم المسيح فصاروا حجارة » . ثم انهم ساروا من الاشمونين واقاموا بقرب قرية تسمى منليس أياما ثم مضوا الى القوصية فطردهم أهلها فمضوا الى قرية ميرة (الآن مير) غربى القوصية ومنها قصدوا جبل قسقام الكاثن به دير السيدة العذراء الشهير بالمحرق . وحينئذ مات هيرودس بالشام فظهر ملاك الرب ليوسف فعاد بمن معه من ميرة الى مصر ونزل فى بابيليون فى المغارة الكائنة بدير القديس سرجيوس (أبو سرجة ) بمصرالقدية ثم رحلت الاسرة المقدسة الى المطرية واغتسل أفرادها هناك من عين ماء فتباركت وتقدست من تلك الساعة . قيل ان العذراء قد غسلت من ذلك الماء ثياب المسيح وكانت قد اتسخت وصبت غسالتها بتلك الاراضى فأنبتت بلسانا وكان لذلك الوقت لا ينبت البلسان الا بأرض فلسطين فانقطع من هناك وبقى فى هذا المكان وكثر الماء بالبئر التى هناك حيث سال عليها الماء الذى غسلت منه العذراء . وبشجرة البلسم الموجودة الى اليوم يقال انها نبتت بقرب العين ومن دهنها كانوا يصنعون الميرون المقدس و يكرسون الكنائس وأوانيها

والمحقق من كل ذلك قدومه الى مدينة بابيلون بالقرب من هليوبوليس (عين شمس ) وقال المؤرخون ان الاسرى البابليين الذين أسرهم رمسيس الاكبرمن آسيا احتلوا قلعة ( هاينين ) على شاطئء النيل تجاه مدينة منف (١) وبنوا هناك مدينة دعوها ( البابليون ) أو بابل على اسم عاصمة بلادهم . وسبب قدوم المخلص الى هذا المكان معلوم وهو انه كان فيه فى ذلك الوقت هيكل مشهور لليهود اسمه هيكل (يانوس ) شبيه بهيكل أورشليم بنى نحو سنة ١٦٠ ق . م وكان حوله كثير من اليهود . وباعتبار أن المخلص أتى أولا لاجل اليهود ليرد خراف بيت اسرائيل الضالة اختار مقره فى مصر الموضع الذى يكثر فيه بنو جنسه ولعل السبب ان يوسف كان له أقارب أو اصحاب ببابيليون فسكن حيث كانوا

وقد روت التواريخ قصصا غريبة عما حدث حيث دخل المسيح الى مصرأهمها أن أبويه لجأ به الى هيكل فيه أصنام للآلهه فلما دخل يسوع سقطت الاصنام كلها أمامه وهذا رمز الى فاعلية قوة ابن الله .

ومن أهم آثار زيارة المسيح لمصرالباقية للآن :

١ – المغارة التى نزلت بها السيدة العذراء مع ابنها وخطيبها وهى الآن بكنيسة ابى سرجه بمصر القديمة

٢ – النبع الموجود بقرب المطرية الى جنوبى اطلال عين شمس القديمة

٣ – الشجرة المشهورة باسم شجرة العذراء بالمطرية التى يعتقد فيها الوطنيون والاجانب معا

وهذه الحقائق ليست من معتقدات الكنيسة القبطية فقط بل يوجد عند الغربيين ما يؤيدها فيوجد لليوم فى المتحف البريطانى بلندن صورة معروفة بسنة الرب تمثل احتفالا كبيرا كان يقيمة المصريون لآلهتهم حتى السنة الاولى للميلاد وكان ذلك شائعا فى مصر شيوعا كبيرا وترتيبه أن يسير المغنون فالضاربون على الاعواد وبينهم فتيات حسنات الوجوه يضربن بالطبول والدفوف و يتقدم هذا الموكب الآلهه ايزيس محمولة على أكف الشرف والفخار حاملة ابنها هوروس على ركبتيها وحين مرور الآلهة يأتى الناس بمرضاهم على جانبى الطريق اعتقادا بنيلهم الشفاء

وفى وسط الصورة الممثله لذلك يرى الناظر ركبا حقيرا قد انزوى جانبا ليفتح الطريق الآلهه المذكورة . وهذا الركب مؤلف من امرأة متواضعة فقيرة وطفلها راكبين حمارا أنهكه التعب وخلفه رجل ريفى يسير راجلا وقد أضناه الكلال وطول الشقة

ومعلوم أن المصور قصد ايضاح الفرق بين الركبين فى ظاهرهما وخافيهما لانه بينما نرى أن أبهة الاول قد بادت بانقراض عبادة الاصنام فى مصر وزالت عظمة الملك بقى اسم الطفل و يبقى الى الابد فى مصر وغيرها من الامصار

أما مدة بقاء المسيح فى مصرفالمحقق عندنا انه استمر سبعة أشهر لغاية موت هيرودوس اما اذا كان قد بقى بعد موت هيرودوس بمصر فهذا لا نعلمه . والمقول فى هذا الشأن كثير فبعضهم يظنون انه مكث سنتين وغيرهم أربعة وآخرون سته و الله أعلم

فلننظر ونتعجب لان مصر الوثنية حمت المسيح والارض المكروهة منه صارت له ملجأ . ولا ريب ان مجى السيد المسيح الى مصر كان فاتحة سعادة لهذه البلاد لان المكان الذى يتشرف بحلول ابن الله فيه يمتلى خيرا وبركة ولنعلم ان رحلة السيد المسيح الى مصر قد أعدت قلوب المصريين وهيأتها للاذعان لكلمة الله في القريب للبشارة على يد مارمرقس الانجيلى والرسول وقبول شريعة الكمال رسميا. ولا يبعد أن تكون الالسنة قد تناقلت آيات السيد المسيح المقدسة وعجائبه الخارقة للطبيعة خصوصا وان تجاور القطرين المصرى والسورى وسهولة المواصلات التجارية بينهما مما يحملنا على الاعتقاد بأن اخبار السيد المسيح كانت قد وصلت آذان المصريين وقوت فيهم قابلية الاستعداد للخلاص

وقد ذهب الى أن الدين المسيحى دخل الثغر الاسكندرى قبل أن يكرز به مرقس الرسول :

اولا : بداعى قرب المكان من بلاد فلسطين وقد كان يوجد فيه احياء لليهود وعلاقتهم متصلة داثما مع يهود بيت المقدس

ثانيا: بدليل أن لوقا الانجيلى كتب انجيله الى أحد أشراف الاسكندرية المدعو ثاوفيلس

ثالثا :لان بعض الذين آمنوا بوإسطة كرازة بطرس يوم الخمسين كانوا من مصر( ١ع ٢ : ٠ ١ ) وعلى كل حال فلم تقم للمسيحية قائمة ولم تعرف جيدا بمصر الا بعد أن وافى الرسول مرقس اليها . ومن ذلك الوقت أصبحت مصر ملكا لابن الله محمية من كل خطر برعايته فهو يكلأها بعينه التى لا تنام الى ما شاء الله ولا يتخلى عنها الى الأبد. ولابد أن ينجز مواعيده فتصبح مصر بأسرها للرب

 

 

القرن الأول الميلادى فجر المسيحية – القرن الأول الميلادى فجر المسيحية – القرن الأول الميلادى فجر المسيحية
القرن الأول الميلادى فجر المسيحية – القرن الأول الميلادى فجر المسيحية – القرن الأول الميلادى فجر المسيحية

 

القرن الأول الميلادى فجر المسيحية

 


يسعدنا ان نقدم لكم كل ما يخص المحتوى القبطى باستمرار – كما نتمنى منكم دعمنا و تشجيعكم لنا من خلال مشاركتكم و تعليقاتكم على محتوى موقعنا – حتى نستطيع تقديم المزيد بشكل مستمر

فتابعونا دائما على [ ladlamp.com ]

 


facebooktwitteryoutube