جاء المسيح معلما , بالمحبة بين الناس , و واهبا لهم عطاياها - ladlamp
[ad_1]
مقدمة:
تحتفل كنيستنا, في هذه الليلة المباركة, بعيد ميلاد السيد المسيح له المجد.
ولذا أتقدم إليكم جميعا, بخالص التهاني القلبية, بعيد الميلاد المجيد, طالبا فيه من الله, البركة والخير, والسلام والتقدم, لبلادنا العزيزة مصر, قيادة وشعبا, ولكنيستنا المقدسة, ولكم جميعا, وللعالم أجمع.
أما عن موضوعنا في هذا العيد, فهو:
جاء المسيح, معلما بالمحبة بين الناس, وواهبا لهم عطاياها.
1- تعاليم السيد المسيح, عن المحبة:
أ- أوصي السيد المسيح تلاميذه, أي الآباء الرسل, وذلك بصفتهم رئاسة الكهنوت المسيحي, والمكلفين بالكرازة للعالم كله, وذلك بأن يحبوا بعضهم بعضا, قائلا لهم: وصية جديدة أنا أعطيكم, أن تحبوا بعضكم بعضا, كما أحببتكم أنا, تحبون أنتم أيضا بعضكم بعضا. بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي, إن كان لكم حب بعض لبعض (يو13:34, 35).
فواضح أن المسيح, أوصي وعلم بالمحبة, بدءا بالآباء الرسل, وهو أحبهم عمليا, ودعاهم واختارهم رسلا, قبل أن يوصيهم بمحبة بعضهم البعض, كما إنه ربط وصية المحبة للتلاميذ, بعضهم لبعض, علي أنها السمة الروحية, التي تبرهن وتثبت أنهم تلاميذه, ومن خاصته وأتباعه, بالعمل والحق, لا باللسان والكلام.
ومن أهمية المحبة, في حياة الآباء الرسل, علي حياتهم الروحية الخاصة مع ربنا, وعلي كرازتهم بالإيمان للناس, كرر وصيته لهم قائلا: هذه هي وصيتي, أن تحبوا بعضكم بعضا, كما أحببتكم (يو15:12).
وكون السيد المسيح, يؤكد مرة ثانية للآباء الرسل, علي وصية محبتهم لبعض, هذا يبرهن علي أهمية هذه الوصية الإلهية, علي حياتهم الروحية, بصفة خاصة, وعلي الكرازة والرعاية والخدمة للناس, بصفة عامة.
ب- ولم يكتف السيد المسيح بهذا, بل قدم جانبا آخر, وأساسيا في المحبة, وهو المحبة لله بصفة خاصة أولا, والمحبة للناس بصفة عامة ثانيا.
واتضح لنا هذا, وقت أن سأله إنسان يهودي ناموسي, قائلا له: أية وصية, هي العظمي في الناموس؟ فقال له يسوع: تحب الرب إلهك من كل قلبك, ومن كل نفسك, ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الأولي والعظمي. والثانية مثلها, تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين, يتعلق الناموس كله والأنبياء (مت22:36-40), (مر12:28-31).
فما ذكر يؤكد لنا علي أن المحبة, يجب أن تكون أولا لله, من كل القلب, والنفس, والفكر. وثانيا محبة الناس, كمحبة الإنسان لنفسه.
وفي مفهوم القريب, لا يقصد المسيح فقط القريب بالجسد, أو القريب في الإيمان والعقيدة, أو القريب في الجنسية والجنس, إنما يقصد بالقريب, هو كل إنسان في البشرية أو الإنسانية, لأن في الأساس جميع الناس, جاءوا أو ولدوا, من أب أو جد واحد, هو آدم, وأم أو جدة واحدة, وهي حواء.
ومن هنا جاء قول الرسول بولس: وصنع من دم واحد, كل أمة من الناس, يسكنون علي كل وجه الأرض, وحتم بالأوقات المعينة, وبحدود مسكنهم (أع17:26).
إذا كلمة القريب, في مفهومها الأوسع, مقصود بها, هو كل إنسان في البشرية.
جـ- ولا يفوتنا أن نشير بأن السيد المسيح, أضاف مفهوما آخر جديدا لمفاهيم المحبة, وهو مفهوم محبة الأعداء, إلي جوار محبة الأحباء.
لأن السيد المسيح, يعلم جيد العلم, أن هناك أسبابا, قد تتسبب في أن يكون البعض من الناس, أحباء وقريبين من الإنسان, والبعض الآخر, مختلفين وأعداء له.
ولذا أوصي قائلا: أحبوا أعداءكم, باركوا لاعنيكم, أحسنوا إلي مبغضيكم, وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم. لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات, فإنه يشرق شمسه علي الأشرار والصالحين, ويمطر علي الأبرار والظالمين ( مت5:44, 45), (لو6:27, 28).
في هذا المفهوم الجديد, عن محبة الأعداء, أمر وعلم السيد المسيح, بأن نبارك علي لاعنينا ولا نلعنهم, كما لعنونا, كما أنه أمر أن نحسن إلي مبغضينا, ومع ذلك أوصانا بأن نصلي, لأجل الذين يسيئون إلينا ويطردوننا.
وهذه التعاليم الإلهية السامية, الخاصة بمحبة الأعداء, يقصد بها المسيح, بأنها يجب أن تكون سمة, من سمات أولاد الله المتدينين, كما إنها تساعد في تغيير حياة المختلفين, والمتعادين مع الإنسان.
د- من جانب آخر, قدم المسيح في تعليمه مثالا حيا, عن الله, في محبته للأشرار والصالحين, والأبرار والظالمين, قائلا: إنه يشرق شمسه علي الأشرار والصالحين, ويمطر علي الأبرار والظالمين. وهذا يعد درسا عمليا, يقدمه الله لنا, لكي نتعلم منه.
ولذا يجب أن نتعلم, محبة وقبول المختلفين معنا, في الرأي والإيمان والعقيدة, أو المختلفين معنا لأجل أسباب أخري, لأننا في أمور كثيرة قد نختلف مع الله, بسبب خطايانا وشرورنا الكثيرة, ولكن من محبة الله, وطول أناته, يصبر علينا, ويعطينا الفرص المتكررة, وذلك حرصا لعودتنا إلي صوابنا, وحياتنا الروحية معه, وخلاص أنفسنا وأبديتنا.
2- ومن يتابع تعليم الكتاب المقدس بعهديه, يجدها كلها تحث علي المحبة, وما يترتب عليها من بناء روحي:
أ- ولذا نهانا الرب في سفر الأمثال, بالبعد عن البغضة, والتمسك بالمحبة, لأن: البغضة تهيج خصومات, والمحبة تستر كل الذنوب (أم10:12).
ب- وكما رأينا في تعاليم السيد المسيح, التعاليم الخاصة بالمحبة, رأينا هكذا في تعاليم آبائنا الرسل الأطهار.
ولذا أمرنا القديس بولس الرسول, بأن نكون: كارهين الشر, ملتصقين بالخير (رو12:9).
جـ- ولم يكتف الرسول بولس, بأن يحثنا علي كره الشر, والالتصاق بالخير, بل أوصانا بأن: نبارك علي الذين يضطهدوننا, ونبارك, ولا نلعن (رو12:14).
د- وتكملة لمحبة المختلفين مع الإنسان, حتي وإن وصل الاختلاف إلي العداوة, أوصي الكتاب قائلا: إن جاع عدوك فأطعمه, وإن عطش فاسقه, لأنك إن فعلت هذا, تجمع جمر نار علي رأسه. لا يغلبنك الشر, بل اغلب الشر بالخير (رو12:20, 21).
وبهذه التعاليم الإلهية, قدم الرسول لنا مفهوما لغلبة الشر والأشرار, وذلك لا برد الشر بالشر, بل رده بالخير, وهذا يعطي فهما للغلبة الروحية علي الشر وأصحابه, ولكن بواسطة الخير, وإن لم يعمل الأشرار بالخير, الذي يقدمه الصالحون إليهم, هذا يكون سبب دينونة عليهم من الله, وسبب بركة للذين قدموه.
هـ- ومع هذا يؤكد القديس بطرس الرسول, في رسالته الأولي, بألا نجازي الشر بالشر, ولا الشتيمة بشتيمة, بل نبارك علي من يهينوننا, لكي ننال بركة تطبيق الوصية الإلهية, وهذا يتضح مما قاله لنا الرسول: غير مجازين عن شر بشر, أو عن شتيمة بشتيمة, بل بالعكس مباركين, عالمين أنكم لهذا دعيتم, لكي ترثوا بركة (1بط3:9).
3- ولم يكتف السيد المسيح, بأن يعلم بين الناس بالمحبة, بل قدم نفسه مثالا, في تقديم المحبة للآخرين:
أ- ومن أمثلة ذلك, سعي إلي رد الخطاة إلي البر, والدفاع عنهم أمام الناس, الذين طالبوا بإدانتهم, ومن بينهم المرأة, التي أمسكت في ذات الفعل, وطالب الناس بموتها رجما بالحجارة, وأعطاها فرصة للتوبة والرجوع للبر, ووبخ الذين أرادوا إدانتها.
ب- كما أنه غفر للمسيئين إليه شخصيا, والذين اتهموه, بأنه ناقض يوم السبت, وبرئيس الشياطين يخرج الشياطين, ولم يكن إطلاقا هو هكذا, بل وأعظم من كل هذا, غفر لصالبيه, وقادهم بهذا إلي الإيمان به والتوبة, بل وطلب لهم من الآب قائلا: يا أبتاه اغفر لهم, لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون (لو24:34).
ولا ننسي أنه غفر لبطرس الرسول, الذي أنكره ثلاث مرات, أمام جارية وقت صلبه, وأرجعه إلي رسوليته وخدمته, كما أنه غفر لشاول الطرسوسي, الذي كان يضطهد الكنيسة بعنف, ودعاه إلي الإيمان, وقبل توبته, ونال سر العماد علي يد حنانيا الرسول, ومع ذلك أقامه رسولا ورئيس كهنة, علي يدي الآباء الرسل, وأصبح رسولا للأمم وكارزا لهم, وأعطاه الروح القدس, أن يكتب في العهد الجديد أربع عشر رسالة, وأخيرا مات شهيدا علي اسم السيد المسيح, وسوف ينال أكاليل عديدة, بين الآباء الرسل الأطهار, في ملكوت السموات.
جـ- ومن هنا أمرنا وعلمنا السيد المسيح, بأن نحب الناس, وذلك طبقا لوصاياه, وتمثلا به, ولذا قال القديس بطرس في هذا الصدد عنه: تاركا لنا مثالا, لكي نتبع خطواته (1بط2:21).
4- وتمثلا بالسيد المسيح, في تعاليمه عن المحبة للناس, وتقديمها لهم, هكذا كان آباؤنا الرسل الأطهار:
من السهل جدا يا إخوتي, أن يتكلم الإنسان عن المحبة, لكنه فعليا وواقعيا, هو بعيد كل البعد عنها, وعن تطبيقها, ولذا أوصانا القديس يوحنا الرسول, في رسالته الأولي قائلا: يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان, بل بالعمل والحق (1يو3:18).
أ- ولذا من أمثلة المحبة العملية للآخرين, هي التأني والرفق عليهم وبهم, كما أن المحبة العملية لا تحسد وتظهر التواضع لا الكبرياء, ولا تقبح, ولا تطلب ما لنفسها, ولا تحتد, ولا تظن السوء, ولا تفرح بالإثم, بل تفرح بالحق, وتحتمل كل شيء, وتصدق كل شيء, وترجو كل شيء, وتصبر علي كل شيء (1كو13:4-7).
وكل ما ذكره الرسول, هو أمثلة للمحبة العملية البناءة, ونظرا لأن المحبة العملية, لها ثمار صالحة, قال الرسول: المحبة لا تسقط أبدا (1كو13:8).
ب- ولم يكن القديس بولس الرسول فقط, هو الذي تكلم عن الأمثلة العملية للمحبة في رسائله, بل أيضا مثله القديس بطرس الرسول, في رسالته الأولي, أوصانا قائلا: قبل كل شيء, لتكن محبتكم بعضكم لبعض, شديدة, لأن المحبة, تستر كثرة من الخطايا (1بط4:8).
جـ- بالإضافة إلي ذلك, ننتقل إلي القديس يوحنا الرسول, الذي قال في رسالته الثانية, بإن المحبة العملية, يجب أن يكون الإنسان فيها, سلوكه حسب وصايا الرب: هذه هي المحبة, أن نسلك حسب وصاياه. هذه هي الوصية, كما سمعتم من البدء أن تسلكوا فيها (2يو6).
د- بل أيضا القديس يوحنا الرسول, أوصانا في رسالته الأولي, ووضح لنا بأن المحبة العملية, دليل علي أن الإنسان ولد من الله في المعمودية, ويعرفه معرفة عملية, أما من لا يحب الله والآخرين, فهو خير دليل, علي أنه لم يعرف الله, ويتضح هذا مما جاء في رسالته: أيها الأحباء, لنحب بعضنا بعضا, لأن المحبة هي من الله, وكل من يحب, فقد ولد من الله, ويعرف الله. ومن لا يحب, لم يعرف الله, لأن الله محبة (1يو4:7, 8).
5- فيجب علينا, أن نراعي كل ما يساعدنا, علي محبة الله ومحبة الناس:
بالأساليب والطرق العملية, التي رسمها الله وأنبياؤه ورسله, في الكتاب المقدس, ونبتعد عن الخطية والآثام, لأن السيد المسيح سبق وقال: إنه بسبب كثرة الإثم, تبرد محبة الكثيرين (متي24:12).
ومن هنا لما تأثرت المحبة, عند أسقف كنيسة أفسس, أنذره الرب, معاتبا إياه: عندي عليك, أنك تركت محبتك الأولي. فاذكر من أين سقطت وتب, واعمل أعمالك الأولي, وإلا فإني آتيك عن قريب, وأزحزح منارتك, إن لم تتب (رؤ2:4, 5).
6- لا يفوتنا أن نشير بأن المحبة, لها بركات كثيرة, علي من يقدمها, ومن يستقبلها أيضا:
أ- لأن المحبة درع روحي, مثل درع الإيمان, يجب أن نلبسها ونتسلح بها, لكي ننتصر علي حيل إبليس والخطية, ولذا قال الرسول بولس, في هذا الصدد: فلنصح لابسين, درع الإيمان والمحبة, وخوذة هي رجاء الخلاص (1تس5:8).
ب- ومن أهم عطايا المحبة للإنسان.. إنها تعطيه رباط الكمال, وتساعده علي الكمال المسيحي, المطالب به من الله.
وهذا يتضح لنا, مما قيل في الرسالة: وعلي جميع هذه, البسوا المحبة, التي هي رباط الكمال (كو3:14).
ولنتشجع يا إخوتي, علي محبة الله والناس, كما أوصانا الكتاب, لأن الله: حافظ العهد والرحمة, لمحبيه, وحافظي وصاياه (دا9:4).
جـ- التالي, مثل دانيال النبي, بولس الرسول الذي يحثنا علي عمل المحبة, ويؤكد أن الله سوف يكافئنا عليها في الأرض, وفي يوم الدينونة: لأن الله ليس بظالم, حتي ينسي عملكم, وتعب محبتكم, التي أظهرتموها نحو اسمه, إذ قد خدمتم القديسين وتخدمونهم (عب6:10).
د- ومكافأة من الله, لكل من يقدم المحبة العملية, يعطيه الرب ميراثا في ملكوت السماوات, كما أشار الرسول في رسالته الأولي, لأهل كورنثوس: ما لم تر عين, ولم تسمع أذن, ولم يخطر علي بال إنسان, ما أعده الله للذين يحبونه (1كو2:9).
هـ- ولم يكتف الرب, بأن يعطي المحبين ميراثا في ملكوت السماوات فقط, بل أيضا يعطيهم أكاليل الحياة, التي وعد بها الرب, للذين يحبونه (يع1:12).
نطلب من الله في هذا العام, بأن يكون عاما مباركا, مليئا بالخير والسلام والتقدم, علي مصرنا الحبيبة, قيادة وشعبا, وعلي كنيستنا المقدسة, وعليكم جميعا, وعلي العالم أجمع.
وكل عام وأنتم جميعا بخير.
ولإلهنا المجد الدائم.
[ad_2]
يسعدنا ان نقدم لكم كل ما يخص المحتوى القبطى باستمرار – كما نتمنى منكم دعمنا و تشجيعكم لنا من خلال مشاركتكم و تعليقاتكم على محتوى موقعنا – حتى نستطيع تقديم المزيد بشكل مستمر
فتابعونا دائما على [ ladlamp.com ]