ابونا داود لمعى تفسير سفر اشعياء اصحاح 51 ـ 23 8 2016 -
- يستكمل ابونا داود لمعى تفسير سفر أشعياء الاصحاح "51"
"استيقظي استيقظي البسي قوة يا ذراع الرب استيقظي كما في أيام القدم" (أش 51 : 9)
يقول ابونا داود تكرار كلمة "استيقظى" اسلوب ادبى الغرض منه ان ينتبه الشخص لان الرسالة مهمة والسيد المسيح كان يتكلم بنفس الاسلوب من خلال تكرار الاسم
اما كلمة "يا ذراع الرب" المقصود بها اولا ربنا يسوع لان الله الاب لم يراه احد قط لكننا راينا قوته وذراعة وقوته فى ابنه يسوع المسيح المتجسد وايضا المقصود منها الكنيسة لان الكنيسة هى امتداد ربنا يسوع ولاننا جسده فالقوة التى فى المسيح يضعها فى شعبه وكنيسته وكهنته
واذا كان الكلام هنا موجه للمسيح فتكون دعوة ومخاطبة للمسيح فى قبره لان المسيح لم يغلب من الموت وكان كالنائم والمسيح عندما قام من الموت اقامنا معه واعطانا قوة الحياة الابدية
واذا كان الكلام هنا للكنيسة فيكون بيخاطب شعب الكنيسة بان يستيقظ وان يكون قوى لاننا اولاد ربنا فاذا طلبناه يكون معنا دائما وهنا المعنى جميل بان اشعياء يرى ما سيفعله المسيح لخلاصنا
وفى كلمة "كما فى ايام القدم" فاذا نظرنا الى شعب الله عموما سنجد له ايام مجيدة مع ربنا فمثلا شق لهم فى البحر طريق
ويقول ابونا داود انها تنطبق على كل شخص فينا لان من المؤكد ان كل شخص فينا كان فى فترة روحية افضل من الان مثلا كان بيصلى بحرارة اكثر او كان بيعطى بسخاء فيجب ان نعود كمان كنا فى حياة روحية افضل
"ألست أنت القاطعة رهب الطاعنة التنين" (أش 51 : 9)
يقول ابونا داود اشعياء يكلم هنا الكنيسة او ذراع الرب وكلمة "رهب" هى اشارة لمصر والمقصود ان يد الرب هى التى كسرت مصر يوم عبور البحر وغلبتى الشيطان
وايضا هى رسالة لينا لاننا تعمدنا ودسنا الشيطان وغلبناه لذلك يجب ان لا نتركه يدوسنا ويغلبنا من خلال ان لا نستسلم للكسل وان نقاوم الخطايا
"ألست أنت هي المنشفة البحر مياه الغمر العظيم الجاعلة أعماق البحر طريقا لعبور المفديين" (أش 51 : 10)
ويوضح ابونا داود ان هنا يتكلم عن الموقف التاريخى لعبور الشعب البحر بعد ان شق فيه طريق فهنا اشعياء يكلم ربنما لانه قادر ان يغير الاحوال كما فعل مع شعبه فى الماضى
ونحن ايضا يجب ان نثق كما ان ربنا شق البحر وعبر الالاف انه هو اقادر ان يغير حياتنا لانه هو لم يتغير ولكن نحن المقصرين فى الصلاة
"ومفديو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون بالترنم وعلى رؤوسهم فرح أبدي" (أش 51 : 11)
ويقول ابونا داود ان كلمة "مفديو الرب" تؤكد ان موضوع الفداء ملح فى اشعياء لان اشعياء النبى يتكلم كثيرا عن الفداء والفداء كان بالنسبة للناس فى وقت اشعياء هو الخلاص من المستعمر ولكن هناك ما اهم من البشر الذين يستعمروهم وهو الشيطان المتحكم فى البشر الذى دخل الطبيعة والموت الابدى الذى ينتظر الناس وهو الذى يريد الفداء الحقيقى
ويقول ابونا داود اذا كان اشعياء يقصد زمنه فقط لان المسبين عادوا فرحين الى بلادهم وربنا فداهم من السبى ولكن ربنا اعمق من ذلك ولا يخص اليهود لانه يخصنا نحن لاننا نحن مفديو الرب ونحن الذين امنا ان المسيح فدانا وتعلقنا بصليبه ودمه ومفديو الرب يرجعوا الى السماء بالفرح والترنم لاننا طرنا زمان من السماء لاننا خرجنا من الجنة من خلال ادم وعشنا فى غربة وبعد الخلاص عدنا الى السماء بفرح وابتهاج لذلك ربنا يسوع جاء الى الدنيا ليفدينا وياخذنا ويعيدنا الى الحياة الابدية التى فقدناها بالخطية ونكون فى فرح دائما وابدى "لا يستطيع احد ان ينزع فرحكم منكم" لذلك نجد فى عيون القديسين فى كل الايقونات فرح ابدى
"أنا أنا هو معزيكم من أنت حتى تخافي من إنسان يموت ومن ابن الإنسان الذي يجعل كالعشب" (أش 51 : 12)
يقول ابونا داود هنا التكرار للتاكيد بان لا احد غير ربنا معزى وهذه رسالة لنا ونحن غافلين عنها ونبحث عن العزاء بعيد عن ربنا ولكن لا عزاء بدون ربنا لانه هو وحده الذى يفرح القلوب ويعزينا وكن يجب ان يكون عندنا ايمان بذلك وثقة فى وعود ربنا
وفى كلمة "من انت حتى تخافى من انسان يموت" يقول ابونا داود ان دائما الانسان يخاف من انسان مثله وهنا ربنا يقول لنا بعتاب اننا بنائه وان لنا مكانة كبيرة لان ربنا اتى ومات من اجلنا لذلك يجب ان لا نخاف من اى انسان لان مهما كان هذا الانسان لايقدر ان يتحكم فينا لاننا اولاد ربنا وهو لنا يتركنا لذلك مخجل لنا ان نتخيل مصائرنا فى يد البشر لان لا سلطان علينا من انسان الا باذن من ربنا وهذا لا يقلقنا لان ربنا دائما معنا
"وتنسى الرب صانعك باسط السماوات ومؤسس الأرض" (أش 51 : 13)
وهنا يكمل الرب كلامه لصهيون ويعاتبها بانها تتذكر الانسان وتنسى الله خالقها ويذكرها بانه باسط السموات ومؤسس الارض لان هذه اعمال عظيمة من ربنا فكيف يكون قادر ان يفعل كل هذا وفنحن ننسى انه قادر على كل شئ ونخاف من الذين حولنا فالذى يقدر يخلق السماوات والارض لا يقف امامه مشكلة صغيرة من مشاكلنا
"سريعا يطلق المنحني ولا يموت في الجب ولا يعدم خبزه" (أش 51 : 14)
يقول ابونا داود ان المنحى هنا المقصود منها الانسان المسبى والانسان المحنى من الذل الذى يكون فى تعب نفسى ويشعر ان الدنيا كسراه فهنا يقول لها ان ربنا قريب وسريعا يطلق بمعنى ان ربنا يحرره من اتعابه ومن وجع قلبه وفى كمة "ولا يموت فى الجب" الجب كان دائما اشارة الى السجن الذى لا يعرفوا له نهاية وفى كلمة "لايعدم خبزه" المقصود ان ربنا ف داخل الظروف الصعبة يرسل لنا خبزنا وتعزيلت ربنا وتدخلاته التى تفرح اولاده ويتخدخل فى اصعب الظروف ويرفعها عنا
ويقول ابونا داود اذا كنا نمر بضيقة او بهموم يجب ان نلجا لربنا ونذهب الى الكنيسة بالترنم فهناك يهرب الحزن والتنهد لان الكنيسة هى بداية السماء
"وأنا الرب إلهك مزعج البحر فتعج لججه رب الجنود اسمه" (أش 51 : 15)
يقول ابونا داود هنا مازال ربنا يكلم صهيون ويقول لها انه اذا نفخ فى البحر ينزعج والبحر يمثل اى شئ يقف امام شعب الله مثل جيوش او سياسة او اقتصاد لان الهنا قوى وهو معه جنود سماوية ويجب ان نفكر فى ربنا ولا ننظر الى متاعب الدنيا
"وقد جعلت أقوالي في فمك وبظل يدي سترتك لغرس السماوات وتأسيس الأرض" (أش 51 : 16)
ويقول ابونا داود هنا ايضا عتاب مهم ربنا يعاتبنا بان كلامه ترك لساننا لاننا اصبحنا نتكلم مثل باقى الناس ونقول ان الدنيا غلاء ولكن نحن يجب ان نثق فى ربنا ونقول ربنا موجود ولا ننظر الى غلاء الاسعار لان ربنا يفعل لنا كل خير فيجب ان يكون كلام ربنا فى فمنا ولا نقو مثل باقى الناس لان اولاد الله ظاهرون واولاد ابليس ظاهرون
ويقول لنا ان برغم كل الظروف ان ربنا بيستر علينا بيده لذلك مهما حدث فى الكون ربنا يستر علينا ولا يقترب من الشر وان ربنا يعد لنا سماء جديد وحين ندخلها نسمع ربنا يقول لنا اننا شعبه
"انهضي انهضي قومي يا أورشليم التي شربت من يد الرب كأس غضبه ثفل كأس الترنح شربت مصصت" (أش 51 : 17)
ويقول ابونا داود ان هنا اشعياء فرحان لانه يراى كنيسة العهد الجديد والقيامة ويراى ملايين من البشر الذين امنو بالمسيح فرحين ومنتصرين على الخطية والفساد ويكلم اورشليم ويقول لها انه تعبت كثيرا لكى ترجع وتصلى ولكى لا تتمسك بالدنيا وكلمة "كأس غضبه" المقصود منها ان ربنا اوقات بيسمح لكنيسته بالالام حتى لاتتعلق باى شئ فى الدنيا وكى لا تريد المجد الارضى والكرامة ولكن لكى تريد السماء فقط وهنا يقيمها لان ربنا سيرفع عنها
ونحن ايضا عندما نمر بضيقة وايام صعبة ياتى ربنا لنا لانه يحبنا ويقيمنا وينهضنا ويرفعنا لكى نتمجد معه "ان كنا نتالم معه نتمجد ايضا معه"
"ليس لها من يقودها من جميع البنين الذين ولدتهم وليس من يمسك بيدها من جميع البنين الذين ربتهم" (أش 51 : 18-20)
يقول ابونا داود ان صهيون هى التى تتكلم هنا وانها مثل الام التى تعبت فى تربية اولادها وبرغم من ذلك فى كبرها لم تجد من يخدمها وهذا تشبيه للالام وكأن صهيون تكلم ربنا وتقول له انها دائما لا تجد الا الخراب والالام والجوع والسيف وانها لم تجد اى تعزية
ويقول لنا ابونا داود لا تنتظروا تعزية من البشر لان التعزية لا تاتى الا من ربنا وهو دائما قريب منا ويعزينا لذلك يجب ان نكلمه حتى نسمع صوته وان نصلى ونذهب الى الكنيسة
ويستكمل ابونا داود ويقول ان اولاد صهيون اغلبهم تركوها وعبدوا الوثنية فكانت ملامحها الروحية متالمة وموجوعة لان اولادها تركوا الايمان
"لذلك اسمعي هذا أيتها البائسة والسكرى وليس بالخمر" (أش 51 : 21-23)
يقول ابونا داود ان مازال الكلام هنا لصهيون ويقولها انها سكرى ليس بالخمر لانها سكرى بالوجع والغلب ولكن اخيرا ياتى الخبر الحلو بان ربنا سياخذ عنها الكأس المر لان دائما تاتى حظة ربنا يوقف فيها المر وهذه اللحظة يمكن ان تكون فى نهاية العمر وفيها ينتهى الالم وندخل على الفرح الابدى
ويقول ابونا داود ان ربنا حاكم عادل لاولاده وهو لا يرصد علينا اخطائنا لانه لو رصدها لن يصل احد منا الى السماء بل ان ربنا يبحث عن طرية يخلصنا بها وتجهزنا الى السماء من خلال وجع ارضى يجهزنا لمجد سمائى وان كل الذين تعبوا الكنيسة ربنا سوف يعطيهم نفس المرار الذى مر على الكنيسة ليتذوقوا ما فعلوا بيها
ويقول ربنا للكنيسة ان الذين ذلوها وجعلوها تنحنى سوف يجعلهم ينحنوا لها ويكونوا تحت ارجلها وان سوف يكون لهم حساب معه
"استيقظي استيقظي البسي عزك يا صهيون البسي ثياب جمالك يا أورشليم المدينة المقدسة لأنه لا يعود يدخلك في ما بعد أغلف ولا نجس" (أش 52 : 1)
وهنا خطاب اخر للكنيسة ويقول لها افرحى والبسى العز كلها لانك اصبحتى عروسة المسيح وان تفرح بالمجد الابدى الذى ينتظرها وفى كلمة "البسى ثياب جمالك" اللبس الجميل هو اشارة للمسيح لان جمال الكنيسة ان كل شخص فيها اصبح شبه المسيح وفى كلمة "لانه لايعود يدخلك بعد اغلف ولا نجس" المقصود منها ان لا نسمح فى حياتنا ان شئ غلط يدخلنا لان هذا يشوه جمال ربنا الذى فينا
- يختتم ابونا داود لمعى تفسير سفر أشعياء بآية "أنا أنا هو معزيكم"