Site icon ladcoptic

الكنيسة القبطية : نشأتها وتاريخها في مصر .. ( 2 )

الكنيسة القبطية

شيري عبد المسيح :

 

أخذتنا الكاتبة “إيديث لويزا فلوير بوتشر” في الفصل الأول من مجلد “تاريخ الأمة القبطية وكنيستها” في موجز أوضحت خلاله الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر قبل مجيئ المسيح لمصر، لتعود بنا إلى الهدف الأساسي في الفصل الثاني، والذي يتحدث عن “مجيء المسيح لمصر”، وخلال هذا الفصل تلقي الضوء على حصن بابليون وقصته التاريخية، فهو المكان الذى عاش فيه المسيح خلال هروبه من هيرودس.

في البداية، تأخذنا الكاتبة إلى لوحة مشهورة في لندن يطلق عليها اسم “سنة الرب” وتصور اللوحة الاحتفال العظيم الذى كان يقيمه المصريون لألهتهم في السنة الأولى من تاريخ مجيء المسيح لمصر، حيث تصور فقرات الحفل التى تبدأ بالمغنون يسيرون في المقدمة، ثم الضاربون على الاعداد وفتيات حسنات يضربن بالطبول والدفوف وتتقدم هذا الموكب الساكى الذى يحمل الإلهة إيزيس محمولة على الأكتاف ومعها ابنها حورس ، وعلى جانبي الموكب يتواجد المرضى الذين ينالون الشفاء بينما في الخلفية يظهر ركب حقيرا قد أنزوى جانبا ليفتح الطريق لموكب الإلهة والمركبة تحمل سيدة وطفلها راكبين حمار انهكه التعب وخلفهما زوج هذه المرأة وهو رجل ريفى يسير راجلا وقد اضناه التعب.

وهنا تذكر السيدة العذراء والطفل يسوع والقديس يوسف النجار وتوضح أن الألهة التى كانت توجد بالموكب اندثرت واصبحت منسية، أما ذلك الطفل فلم ولن يزول، وأشارت الكاتبة إلى أن صورة القصة الموجودة في اللوحة يمكن تصديقها وعدم تكذيبها لعدة أسباب منها أن يوسف لن يأتي بولده وأمرأته من بيت لحم إلى مصر إلا عن طريق الصحراء مجتازا القنطرة ومنها إلى عين شمس ثم بابليون التى يرجح أنه أقام فيها فترة طويلة من المدة التي قضاها في مصر.

الأدلة على إقامة المسيح في بابليون:
كان هيكل اليهود الأعظم الذى اسسه أونياس بالقرب من عين شمس إلى الشمال الشرقى من بابليون لايزال قائما لذلك العهد، ويوسف كان له أقارب وأصحاب عند بابليون لذلك سكن حيث كانوا، ويؤيد هذا القول إن الهيكل لم يذكر في اى حادثة أو معجزات من معجزات المسيح في مصر.
فقد ذكرت الأناجيل المعروفة ب”الأبوكريغا” النبع الموجود حتى الأن في المطرية التى غسلت فيه العذراء ملابس الصبي وهو يوجد بجانب اطلال عين شمس.

تاريخ بابليون “بابل المصرية”:
اشتهرت بابليون بعدة أسماء منه “بابل المصرية” و ” باب الآسيوية”، ولكن الغريب أن هذه المدينة لم تأخذ الشهرة التى تستحقها حيث أن كثيرين من علماء التاريخ الأوروبيين لا يدرون عنها شئ على الاطلاق، والعالم الوحيد الذى ذكرها من قبل هو أحد أئمة الإنجليز “دين فرار” فى مؤلف حديث قال ” بابليون مدينة حقيرة في شمال إفريقيا” وفى اسلوب استعجاب تقول الكاتبة “كأن لم تكن دعواها بزيارة بطرس الرسول إياها داعيا لزيادة الالتفات إليها والاعتناء بأمرها.

وتوضح الكاتبة أن مؤلفات الأولين قبل أن تسدل السلطة الإسلامية حجاب ظلمتها بين مصر وأعين أوروبا بينت أهمية تلك المدينة.
وقد اختلف المؤرخون في أمر منشأ بابليون فقد قال ديودورس المؤرخ ” إن الأسرى البابليين الذين أخذهم من آسيا رعمسيس الثاني ” سيزوستريس” ملك مصر واستعبدهم فيما بعد شقوا عصا الطاعة واحتلوا قلعة “هابنين” على شاطئ النهر إلى الشمال من مدينة ممفيس وبعد حرب عفى عنهم رعمسيس واباح لهم الأملاك التى احتلوها فشيدوا هناك مدينة ودعوها بابليون أو بابل على اسم عاصمة بلادهم الأصلية.
وكتب يوحنا اليهودى من نيكوس في القرن السابع بعد المسيح في معرض كلامه عن القلعة التى انشأها الامبراطور ترتجان في بابليون ” كان نبوخذ نصر قد بني بهذا المكان قلعة قديمة ودعاها قلعة بابليون وذلك حين استيلائه على مصر بعد أن نفي اليهود إليها عقب هدمه اورشليم ، ثم قدم إلى مصر لمحاربتهم بعد أن عصوا عليه وسمى القلعة على اسم عاصمة بلاده “آشور”.

وأيضًا تشير الكاتبة إلى أن هذه القلعة هى التى ذكرها سرابون الجغرافى الرومانى أثناء وصفه لرحلته إلى مصر عقب افتتاح الرومان وقال ” إلى شمال هذه القلعة بنيت قلعة الامبراطور تراجان التى لاتزال أسوارها المنهدمة ظاهرة إلى هذا اليوم ، ويتشوق القارئ إلى معرفة مايتناقله القوم من الروايات عن أقدمية سكنى اليهود في بابليون فإن بين آثارها معبد يتصل تاريخه بعهد مجئ المسيح وقد زعم البعض أن أصل بنائه كان في أيام أرميا النبي، فقال المقريزى في مخطوطاته ” إن موقع مجمع السوريين (اليهود) بقصر الشمع بمصر القديمة قديم جدا وقد نقش على عارضة بابه كتابة قديمة بالعبرانية جاء فيها ” إن انشائه كان في سنة ٣٣٦ للاسكندر الأكبر اى قبل خراب أورشليم للمرة الثانية على يد تيطس، ويوجد في هذا المعبد نسخة من التوراة أجمع كل اليهود بأن عزرا النبي كتبها برمتها”، وبقيت هذه النسخة إلى وقت قريب كانت مخبأة في موضع مقدس المعبد المذكور وكتب اللعنات على كل من يده إليها لكن أفشى السر لغير أبناء الملة وحاول سرقتها من قبل اثنان من المغرمين بالأثار القديمة، ولم يستطيعوا فتح الدرج لوجود ثعبان به من كثرة لعابه التصق الدرج ولم يفتح وحاول مرة أخرى وفي ثالث مرة انبهار الحراس لذلك وتم تغيير مكان الكتاب ونقله إلى مكان آمن ووضع بدلا منه نسخة مزيفة ، وهدم المعبد القديم وبنى بدلا منه اخر جديد وعلى الرغم من كل التغييرات إلا أن اليهود كانوا يحافظون على بقعة يزعمون أن فيها القبر الذى يضم عظام إرمياء النبي.

ويدل كل ذلك على أن اليهود كانوا موجودين في مصر قبل ميلاد المسيح ويعتبرون بابليون المصرية خصوصية، وبعد ظهور المسيحية والتى اعتناقها الكثير منهم تم تبديل المعبد بكنيسة ، وعندما حدث انشقاق بين الكنيسة اليونانية والمصرية أصبحت الكنيسة التى كانت معبد لليهود تتبع الروم ، وقد هجرت هذه الكنيسة وأخذها المصريون حتى النصف الأخير من القرن التاسع الميلادي حينما لجأ ميخائيل الثالث إلى بيعها بعد أن قبض عليه من الحاكم الاسلامى واشترط فدية خلال مهلة أربعة أشهر إلا أمر بقتله واضطهاد أبناء الكنيسة، ولذلك باع البطريرك ميخائيل الكنيسة وانتهز اليهود الفرصة واشتروها.

أقدم وأصغر كنيسة في الوجود:
ولم يكن معبد اليهود فقط المميز في حصن بابليون ولكن توجد كنيسة يقصدها السياح من كل مكان وهى عبارة عن كنيستين سفلى وعليا، الكنيسة العليا مكرسة على اسم القديس انبا “أبو سرجة” وشيدت في القرن السابع الميلادي ، أما الكنيسة السفلى القائمة على سطح الأرض الأصلى قبل أن يرتفع ارتفاعه الحالى بعد بناء القلعة وأصبحت الأن كسر دأب للكنيسة العليا.

وجاء في الروايات القديمة أنها بنيت في العهد الرسول لتكون علامة على البقعة التى كانت قائمة فيها الدار التى سكنها المسيح مع أبويه مدة إقامتهم في بابليون، والكنيسة تعتبر أقدم وأصغر كنيسة فى الوجود، في أيام المسيح له المجد كان موقع هذه النقطة عند شاطئ النيل تقريبا ، ولاشك مطلقا في سكنى يوسف ومريم في ذلك المكان مدة إقامتهما في بلاد مصر لكن اختلف الباحثون في تقدير مدة بقاء السيد المسيح في أرض مصر والبعض قال إنها ستة أشهر فقط وأخرون يقولون مابين سنتين وأربع ستين إلى ست سنوات.

الكنيسة القبطية

 

الكنيسة القبطية

 

 


يسعدنا ان نقدم لكم كل ما يخص المحتوى القبطى باستمرار – كما نتمنى منكم دعمنا و تشجيعكم لنا من خلال مشاركتكم و تعليقاتكم على محتوى موقعنا – حتى نستطيع تقديم المزيد بشكل مستمر

فتابعونا دائما على [ ladlamp.com ]

 


facebook - twitter - youtube

Exit mobile version