مقالات عامة - 📄

الآديان و تغير المناخ

الآديان و تغير المناخ

الآديان و تغير المناخ – ladlamp

[ad_1]

فرضت قضية تغير المناخ نفسها بقوة، وكلما فشلت وتقاعست الحكومات وصناع القرار فى الوفاء بالإلتزامات المقررة من أجل خفض الإنبعاثات المسببة للاحترار، كلما كشرت البيئة عن أنيابهاوتفاقمت الأمور، بالفيضانات والجفاف وارتفاع في درجات حرارة الأرض والمحيطات بما يهدد حياة البشر وكل الكائنات الحية. وعلى مدار العقود الماضية تطورت الرؤى والتخصصات والاتجاهات المعنية بالبيئة والمناخ وعلت أصوات لإنفاذ الأرض من أفعال البشر المدمرة والتى تتم احيانا باسم التطور والتحضر. وفى هذه المعركة يبرز العلم كسلاح ذى حدين، حد مدمر حيث يجرى تطوير تكنولوجيا ملوثة للبيئة ومنتجة للغازات والانبعاثات، وحد يكافح التدمير حيث يجرى الكشف عن أسباب ومخاطر وتداعيات تغير المناخ وما يرتبط به من ظواهر بيئية وصحية واقتصادية، وإيجاد الحلول بتكنولوجيات بديلة. وبهذا يحتل العلم موقعا مركزيا فى ظاهرة تغير المناخ، ليس فقط فى المعرفة بالظاهرة وأبعادها ولكن أيضا فى التعرف على الحلول الممكنة، وعلى هامش العلم تأتى الأخلاق لترشيد التطورات العلمية من ناحية، وإعادة تدوير الحلول العلمية فى المجال الثقافى الأوسع. وهكذا نجد صعودا لمصطلحات مثل الأخلاق البيئية والروحانية الخضراء واللاهوت الأخضر، وغيرها.

ولأن الأديان هي أحد أهم الحاضنات الثقافية للأخلاق، فقد برز الاهتمام بالعلاقة بين الأديان والبيئة والتغير المناخي. بل واهتمت البحوث الاجتماعية بهذه العلاقة، وخاصة فى الغرب، وفى حين خلصت بعض الدراسات إلى وجود علاقة سلبية بين بعض الاتجاهات الدينية والسلوكيات الداعمة للبيئة، إلا أن هناك اتجاهات أخرى كشفت عن إمكانية تطوير حساسية دينية مؤيدة لجهود مكافحة التلوث وتغير المناخ. وهي حساسية يمكن أن ترتكز على تعاليم ومعتقدات دينية خاصة فيما يتعلق بالنهى عن الإفساد في الأرض، أو ترشيد الاستهلاك، والمسئولية الملقاة على عاتق البشر كمؤتمنين على الأرض والتي هى هبة ونعمة من الله. ومع ذلك، فإن الكثير من الخطابات الدينية إما أنها تجاهلت مشكلات تلوث البيئة وتغير المناخ، وفى أحسن الأحوال ظهرت خطابات أخلاقية تعتمد لغة عامة ومرسلة بشأن الحفاظ على البيئة. ولأن الكثير من الخطابات الدينية لا يزال مشغولا بالدفاع وحراسة الهوية الدينية، فكثيرا ما يتم طرح قضايا البيئة من منظور الهوية، كأن يتم الإيحاء بأن دين ما هو أول ديانة اهتمت بالبيئة، وانكار جهود العلم والعلماء، وحتى الجوانب الإيجابية في المعارف التقليدية التي تشكلت على مدار التاريخ.

وإلى جانب ذلك، فعلى الرغم من أن الاهتمام الدولى بحوار الحضارات والحوار بين أتباع الأديان قد واكب فى ظهوره الاهتمام الدولي بقضايا البيئة وتغير المناخ، إلا أن جداول أعمال الحوار بين أتباع الأديان انشغلت بخطابات المصالحة بين الهويات الدينية ومواجهة كراهية البشر لبعضهم، أكثر من اهتمامها بالتعايش مع البيئة، وبدلا من نقد مركزية الإنسان المدمرة للأرض والكائنات، تم الاهتمام بمركزية الهوية الدينية، ومع توظيف أفكار التعددية الثقافية لاستدامة الهويات، تم تجاهل التعددية البيولوجية اللازمة لاستدامة حياة البشر وسائر المخلوقات. ولكن هذا لا يعنى التقليل من شأن هذه الاجتهادات الدينية فى مجال البيئة، بل على العكس، من المهم إيلاء مزيد من الإهتمام بدور الأديان وخاصة فيما يتعلق بتعزيز ودعم الأخلاقيات والثقافة البيئية.

و ربما يكون على أي مساهمات أو حوارات حول العلاقة بين الأديان والبيئة والتغير المناخي إدارك أن هذا الأمر عن تقاليد الحوار بين الهويات الدينية، وقد يتطلب مراعاة أربعة جوانب أساسية:

أولا: أهمية الفصل بين التعاليم الأخلاقية البيئية وسياسات الهوية، وإعادة النظر فى النهج الهوياتى الذاتى والذى يحاول، بشكل صريح أو ضمنى، الزعم بأن هذا الدين أو ذاك هو الأفضل في مجال أخلاقيات البيئة. وبالتالى الانفتاح على أطراف أخرى، لأن هذا النوع من الحوار ليس حوارا بين هويات دينية، بل حول مصير مشترك، وأطرافه أتباع الأديان وولكن أيضا العلماء والباحثين وصناع القرار، وحتى الحركات المدافعة عن البيئة والنساء والأقليات.

ثانيا: وهذه النقطة ترتبط بالأولى، العمل على تخفيف العوائق التى تضعها الكثير من الأفكار والتأويلات الدينية التي تصنع العراقيلوتضع تعارضات بين الدين والعلم، والإقرار بأن المعرفة العلمية هي الأصل في فهم الظواهر البيئية وإيجاد الحلول لها.

ثالثا: تفادي الخطابات التي تختزل مفاهيم العدالة الاجتماعية، لأن العدالة البيئية يعيد التأكيد عن الركن الحيوى فى نظام العدالة أي عدم التمييز، وفي مقدمة ذلك عدم التمييز ضد النساء وإقصائهنمن مواقع اتخاذ القرار، فالنساء ينبغي أن يكون لهن دور محوري في عمليات صناعة القرارات المتعلقة بالسياسات البيئية، فقضايا البيئة كاشفة، وكما كشفت مساوئ التطورات العلمية بالعلم، فإنها تشكف أيضا مساوئ الأخلاق بالأخلاق.

أخيرا وليس آخرا: إذا كان حوار الهويات الدينية بين أتباع الأديان قد تمحور حول مفاهيم أخلاقية مثل التسامح، فإن الحوار حوال قضايا البيئة يتطلب إدماج مفاهيم أخرى ذات طبيعة قانونية وإجرائية مثل مفهوم المساءلة، فبدون مساءلة لن تكون هناك عدالة.

[ad_2]

المصدر : وطنى

شاهد أيضا :

الألــحـان الــقـبـطــيـة – 13

lad

تعرف على القـديـس فيلكـس دي فـالـوا

lad

محاضرة عن تكنولوجيا البناء في العمارة اليونانية والرومانية بمكتبة الإسكندرية

lad

نشأة الكنيسة القبطية وتاريخها في مصر (٣) .. مارمرقس ينجح في تأسيسها رغم انتشار الوثنية..

lad

تذكار نياحة القديس يوحنا التبايسي بجبل أسيوط

lad

هل تثقون في الله أم في نفوسكم في بداية العام الجديد؟

lad